تصعيد في حلب يهدد اتفاق 10 آذار بين الحكومة السورية و«قسد»
شهدت مدينة حلب تصعيداً ميدانياً لافتاً على خطوط التماس في حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية، تزامناً مع اجتماع رفيع المستوى في القصر الرئاسي بدمشق جمع الرئيس الانتقالي أحمد الشرع ووزير خارجيته أسعد الشيباني مع وزيري الخارجية والدفاع التركيَّين حاقان فيدان ويشار غولر، إضافة إلى رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن.
ويأتي هذا التطور وسط مؤشرات متزايدة على احتمال انزلاق الحكومة السورية الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) نحو مواجهة عسكرية، مع اقتراب انتهاء المهلة المحددة لتنفيذ اتفاق العاشر من آذار الموقّع بين الشرع وقائد «قسد» مظلوم عبدي، والمقرر استكماله قبل نهاية العام الجاري.
تبادل اتهامات بشأن القصف والاشتباكات:
تبادلت الحكومة الانتقالية و«قسد» الاتهامات بشأن المسؤولية عن القصف والاشتباكات التي اندلعت في محيط الحيين. واتهمت وزارة الداخلية السورية قوات «قسد» بـ«الغدر بقوات الأمن الداخلي على الحواجز المشتركة عقب انسحابها المفاجئ منها»، ما أدى إلى إصابة عنصر من الأمن الداخلي وآخر من الجيش، إضافة إلى إصابات في صفوف المدنيين وعناصر الدفاع المدني.
من جهتها، أكدت وزارة الدفاع، في تصريح لوكالة «سانا»، أن «قسد» نفذت هجوماً مفاجئاً على نقاط انتشار قوى الأمن والجيش في محيط حي الأشرفية، مشيرة إلى أن القوات الحكومية ردّت على مصادر النيران التي استهدفت منازل المدنيين ونقاط الجيش والأمن.
رواية «قسد» وخسائر بشرية:
في المقابل، أعلن المركز الإعلامي لـ«قسد» إصابة عنصرين من قواته جراء هجوم نفذته فصائل تابعة لوزارة الدفاع على أحد حواجزها في حلب، محمّلاً الحكومة مسؤولية التصعيد، وواصفاً ما جرى بأنه «نهج تصعيدي منفلت».
وأعلنت مديرية صحة حلب عن سقوط أربعة قتلى مدنيين، بينهم امرأتان وطفل، جراء استهداف أحياء قوات سوريا الديمقراطية أحياء سكنية في المدينة.
مصادر محلية: القصف من مواقع حكومية:
أفادت مصادر أهلية للمرصد السوري بأن قذائف المدفعية التي سقطت في حي الجميلية أُطلقت من مواقع عسكرية تابعة لوزارة الدفاع السورية، وتحديداً من داخل مقر الشرطة العسكرية في منطقة الفيض، على مسافة قريبة من المنازل المستهدفة، ما أدى إلى مقتل سيدة وإصابة آخرين بجروح خطرة.
اتفاق تهدئة في حلب:
أفادت مصادر محلية بالتوصل إلى اتفاق تهدئة بين الحكومة السورية الانتقالية و«قسد» في حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية، بهدف وقف الاشتباكات ومنع توسعها داخل الأحياء السكنية.
في المقابل، أعلنت إدارة الإعلام في وزارة الدفاع أن قيادة أركان الجيش أصدرت أوامر بإيقاف استهداف مصادر نيران “قسد” بعد تحييد عدد منها، مؤكدة أن الجيش لم يسعَ إلى تغيير خطوط السيطرة، واكتفى بالرد الدفاعي لحماية المدنيين.
الموقف التركي وضغوط تنفيذ الاتفاق:
تزامنت التطورات الميدانية مع زيارة وزير الخارجية التركي إلى دمشق، حيث شدد خلال مؤتمر صحافي على «ضرورة تنفيذ اتفاق العاشر من آذار بين الحكومة السورية وقسد»، معتبراً أن اندماج الأخيرة في مؤسسات الدولة «سيكون في مصلحة الجميع»، ومؤكداً أن «استقرار سوريا يعني استقرار تركيا».
وأشار فيدان إلى أن المباحثات ركزت على ملف «قسد»، معرباً عن اعتقاده بأن الأخيرة «لا تبدي نية حقيقية لتنفيذ الاتفاق».
خلافات تعرقل التنفيذ رغم الوساطة الأميركية:
من جهته، أوضح الشيباني أن الاجتماع مع الوفد التركي أسفر عن «تصور مشترك» بشأن شمال شرقي سوريا، مؤكداً أن اتفاق 10 آذار يعكس «الإرادة السورية في توحيد الأراضي»، لكنه أشار إلى غياب التزام جدي من «قسد» بالتنفيذ.
وكشفت مصادر مطلعة عن وساطة أميركية نقلت رسائل متبادلة بين دمشق و«قسد»، تضمنت مقترحاً باندماج قوات الأخيرة في الجيش السوري الناشئ عبر عدة فرق وألوية. وبحسب المصادر، قدمت «قسد» قائمة تضم نحو 50 ألف مقاتل للاندماج ككتلة واحدة، إضافة إلى أكثر من 100 قائد عسكري لتولي مناصب قيادية.
إلا أن الخلاف الأساسي يتمثل في إصرار دمشق على إدخال قوات حكومية إضافية إلى منطقة الجزيرة السورية، وهو ما ترفضه «قسد»، إلى جانب تباينات حول ملفات اللامركزية، والمشاركة السياسية، والتعليم، وقطاع الطاقة.
آفاق المرحلة المقبلة:
ورغم التعقيدات، ترى المصادر أن التوافق العسكري لا يزال ممكناً في ظل وجود تفاهمات أولية، إلا أن «قسد» تطالب بضمانات من الوسطاء لتنفيذ تدريجي للاتفاق، فيما تصرّ دمشق على أن الاندماج العسكري هو المدخل الأساسي قبل مناقشة باقي الملفات.
إقرأ أيضاً: مجلس سوريا الديمقراطية: اتفاق مع الحكومة الانتقالية يُبقي قسد ضمن ثلاث فرق عسكرية ويؤكد خيار اللامركزية
إقرأ أيضاً: أنقرة لـ قسد: الاندماج الفردي أو التحرك العسكري.. والصبر بدأ ينفد