تقرير: سوريا على مفترق طرق.. خارطة المخاطر والتحديات في حقبة ما بعد التغيير

تُشير البيانات والتقارير التي جمعها وحللها مركز “الاتحاد للأبحاث والتطوير” (UFEED) إلى أن سوريا، في عامها الثاني من التحول السياسي، تسير فوق أرضية ملغومة بالتحديات الوجودية.

هذه القراءة، المستندة إلى تقارير مراكز أبحاث دولية مثل “معهد واشنطن” و”فورين أفيرز”، ترسم خارطة للمخاطر التي قد تعصف باستقرار البلاد ما لم يتم تداركها عبر سياسات وطنية ودولية حازمة.

1. معضلة الأمن المجتمعي: الأقليات بين الحماية وشبح التهجير

يُعد ملف الأقليات، وخاصة المسيحيين، أحد أكثر النقاط حساسية في تقييم المخاطر الحالي؛ إذ يرصد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى تهديداً وجودياً يتمثل في استهداف تنظيم “داعش” لهذا المكون، وسط مخاوف من نزوح جماعي يكرر المأساة العراقية.

ويؤكد التقرير أن الحماية تتطلب سياسات مؤسسية تضمن تمثيلهم ومنع مصادرة ممتلكاتهم، بدلاً من اللقاءات الرمزية.

وفي ذات السياق، تشدد مجلة Foreign Affairs على ضرورة بناء “هوية وطنية شاملة” ورفض العنف خارج نطاق القضاء. وتوصي بإنشاء نظام عدالة انتقالية شامل يعالج انتهاكات جميع الأطراف، بما في ذلك الجماعات المسلحة، وليس فقط رموز النظام السابق، لضمان السلم الأهلي ومنع عمليات الانتقام.

2. ألغام الحوكمة: شبكات الظل وتآكل الثقة

على الصعيد المؤسساتي، يحذر مركز (UFEED)، بالتقاطع مع تحليلات دولية، من خطر تشكّل “شبكات حكم واقتصاد موازية” تقوّض شرعية الدولة وتستنزف أموال إعادة الإعمار.

كما تبرز مخاطر تآكل الثقة بالحكومة في مناطق جغرافية محددة مثل اللاذقية وطرطوس والسويداء، مما يستدعي معالجة فجوات التنمية والتمثيل لضمان عدم خروج هذه المناطق عن سيطرة الدولة الجديدة.

3. الدبلوماسية الملغومة: فخ التطبيع ومعادلة السيادة

تمثل العلاقة مع القوى الدولية محوراً للمخاطر الجيوسياسية الحادة وفقاً لمركز (INSS) الإسرائيلي ومجلة Foreign Affairs:

مقامرة التطبيع: ثمة تحذيرات من أن أي توجه نحو التطبيع مع إسرائيل سيصطدم برفض شعبي سوري عارم، مما قد يزعزع شرعية السلطة الجديدة.

الضمانات الأمنية: يكمن الخطر في فشل الترتيبات الأمنية المقترحة في الجولان وجبل الشيخ، خاصة إذا لم تُدعم بضمانات أميركية واضحة تضمن الاستقرار الحدودي.

ارتهان الاقتصاد: يظل الاقتصاد السوري عرضة لمخاطر العقوبات الأميركية وآليات “العودة التلقائية” في حال الإخلال بشروط الإصلاح، مع ضرورة تقليص الاعتماد على النفوذ الروسي لتجنب التبعات القانونية الدولية.

4. توحيد السلاح: الاختبار العسكري الأصعب

لا يمكن تحقيق استقرار مستدام دون توحيد السلطة الأمنية؛ حيث تبرز توصيات معهد واشنطن بضرورة دمج “قوات سوريا الديمقراطية” في الجيش السوري لإنهاء حالة التشرذم المسلح، وتكثيف الجهود لمكافحة التنظيمات الإرهابية التي لا تزال تتحين الفرص لإثارة الفوضى.

خاتمة: رهانات الاستقرار ومآلات التحول

إن العبور بسوريا نحو بر الأمان، حسب القراءة الشاملة لمركز “الاتحاد للأبحاث والتطوير” (UFEED)، يتوقف على قدرة السلطة الجديدة في دمشق وشركائها الدوليين على تفكيك هذه المخاطر عبر استراتيجية “بناء المؤسسات” وتعزيز الشفافية والمساءلة. إن النجاح الحقيقي لا يقاس فقط برفع العقوبات، بل بمدى القدرة على توفير ضمانات أمنية وسياسية حقيقية لكافة المكونات، والحد من نزعة القيادة المطلقة لصالح دولة القانون.

وفي ظل التحذيرات الدولية من استنزاف المكونات المجتمعية أو الانزلاق نحو صراعات إقليمية، تظل الخطوات القادمة حاسمة لاستغلال فرصة بناء سوريا مستقرة وشاملة قبل أن تنفجر الألغام الكامنة في طريقها ومنع تحولها إلى ساحة لتصفية الحسابات الدولية مرة أخرى

 

اقرأ أيضاً:سوريا 2025: عندما يتحوّل الخطاب الطائفي إلى جمر تحت الرماد

اقرأ أيضاً:كيف أضاع تفكيك الجيش بوصلة الأمن في سوريا خلال 2025؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.