فوضى الإيجارات في دمشق: تباين حاد بين الأحياء النظامية والعشوائية يفاقم الأزمة

شهد سوق الإيجارات في العاصمة دمشق ارتفاعاً غير مسبوق، وصل إلى حد “الفوضى”، خصوصاً في مناطق “المخالفات” أو “العشوائيات”، حيث تضاعفت أسعار الإيجارات خلال الأشهر الماضية، وبات تحديدها يخضع للمزاجية الفردية لأصحاب المنازل والمكاتب العقارية دون وجود ضوابط واضحة.

اختلافات جذرية في أسعار إيجارات دمشق

في جولة لمراسلة “الترا سوريا” على عدد من المكاتب العقارية، وبحسب أصحابها تراوحت أسعار إيجارات المنازل في مناطق المزة 86، ركن الدين، ودف الشوك بين 1.5 مليون و 1.8 مليون ليرة سورية (نحو 150 إلى 180 دولاراً) لمساحة 80 مترًا مربعًا. في المقابل، تراوحت في مناطق عش الورور، حي الورود، مساكن برزة، والقابون بين 900 ألف و 1.5 مليون ليرة (نحو 90 إلى 150 دولاراً) لمساحة 90 مترًا مربعًا.

أما الغرفة الواحدة مع منافعها، فسُجّل إيجارها في منطقة جرمانا نحو 800 ألف ليرة (حوالي 80 دولارًا)، في حين بلغت إيجارات المنازل في مناطق جبل الرز، وادي المشاريع، الهامة، وقدسيا قرابة مليوني ليرة (نحو 200 دولار).

معاناة المستأجرين وغياب الرقابة

ذكر أبو هيثم، وهو مستأجر، أن الأسعار ارتفعت منذ أشهر قليلة في ظل غياب أي رقابة أو ضوابط. وقال: “كنتُ أدفع سابقًا 600 ألف ليرة كإيجار لمنزل مؤلف من غرفتين صغيرتين ومنافع (أي نحو 60 دولارًا)، لأُفاجأ بعد ستة أشهر بأن صاحب المنزل قرر زيادة الإيجار بـ200 ألف ليرة إضافية، ليصبح ما يعادل 80 دولارًا، وهو مبلغ لا أستطيع تحمّله”.

من جانبه، أوضح مروان، وهو مالك عقار، أن التباين يرجع بشكل رئيسي إلى توفر الخدمات والبنية التحتية والموقع، مع عوامل إضافية تشمل مساحة المنزل ودرجة الإكساء.

تأرجح الأسعار في ريف دمشق

تتأرجح إيجارات الشقق السكنية في ريف العاصمة، ما يزيد من أعباء الأسر. ويشير خالد، وهو شاب مقبل على الزواج، في حديثه لـ “الترا سوريا”، إلى أن الإيجارات في الريف البعيد تصل إلى مبالغ خيالية تتجاوز المليون ليرة شهريًا، ولا تقل عن 400 ألف ليرة للمنازل القديمة في المناطق النائية.

من جهته، يرى إبراهيم، وهو صاحب مكتب عقاري في ريف دمشق، أن الإيجارات الشهرية للشقق المفروشة تصل إلى أكثر من مليون ليرة، وتتراوح إيجارات الشقق الفارغة بين 500 و 700 ألف ليرة.

أما سامر، وهو صاحب مكتب عقاري في جديدة عرطوز، فيوضح للموقع نفسه أن إيجارات المنازل في مناطق ريف دمشق القريبة، مثل المعضمية وجديدة عرطوز، تتراوح بين 600 و 700 ألف ليرة (نحو 60 إلى 75 دولاراً)، مشيراً إلى أن الإيجارات تنخفض كلما زادت الحاجة إلى المواصلات.

دعوة لتدخل حكومي عاجل

يوضح الخبير العقاري، فاروق مهنا، في حديثه لـ “الترا سوريا” أن معظم المحافظات تعاني من أزمة مفتوحة في سوق العقارات، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة تتجاوز 50%، مما أدى إلى لجوء الملاك إلى “دولرة” الإيجارات وطلب سلف لا تقل عن ستة أشهر. وشدد على أن الأسر محدودة الدخل تعجز عن تحمل هذه الزيادات، إذ قد لا يصل دخلها الشهري إلى نصف قيمة الإيجار.

أكد مهنا أن الحكومة مُطالبة بضرورة التدخل لفرض آليات تنظيمية تحدد أسعار الإيجارات، وتحسين مستوى معيشة المواطنين من خلال توفير مساكن بأسعار معقولة، والعمل على تحقيق التوازن بين حقوق المؤجرين والمستأجرين، وتخفيف الأعباء عن المواطنين الذين يواجهون ضغوطًا اقتصادية متزايدة.

تجدر الإشارة إلى أن وزارة العدل أصدرت مؤخراً تعميماً يحدد ضوابط تثبيت ونقل الملكية للحد من ظاهرة التزوير والاحتيال.

 

اقرأ أيضاً:نازحون سوريون يعودون إلى الخيام مجدداً.. الإيجارات تتحوّل إلى رفاهية

اقرأ أيضاً:مدير تجارة دمشق: 2.5 مليون منزل مدمر.. وصناعة الأسمنت تحتاج بيئة جاذبة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.