نيويورك تايمز تكشف: “إعدامات جماعية وفظائع فرق الحكومة ضد الدروز في السويداء”

كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير موسع عن انتهاكات واسعة وفظائع مروعة في محافظة السويداء السورية، نفذتها قوات أمنية ومقاتلون موالون للحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، مستهدفة الأقلية الدرزية، ومُسدلةً الستار على الوعود بحماية الأقليات. وقد مثلت هذه الأحداث، التي أودت بحياة نحو ألفي شخص، غالبيتهم من المدنيين الدروز، نقطة تحول خطيرة كشفت عن نمط من استهداف الأقليات، ما يهدد بانهيار سلطة الشرع ويدفع نحو الدعوات للانفصال.

وحشية الإعدامات الميدانية الموثقة بشهادات المدنيين

  • اعتمدت “نيويورك تايمز” في تحقيقها على شهادات عشرات الشهود وأقارب الضحايا، إضافة لمئات من مقاطع الفيديو، التي كشفت عن فظائع شبيهة بالإعدام:
  • السحب والإهانة والقتل: قام مسلحون بسحب مدنيين دروز عزل من منازلهم، ووصفوهم بـ”الخنازير والكلاب والزنادقة” قبل إعدامهم رميًا بالرصاص.
  • مجازر جماعية: وثّقت الصحيفة خمس حوادث إعدام موثقة، بما في ذلك اقتياد ثمانية رجال من عائلة السرايا وجارهم إلى ساحة عامة وإجبارهم على الركوع قبل تصفيتهم.

وصفت ديما السرايا، زوجة أحد الضحايا، لحظة اقتحام المسلحين لمبناهم وهم «يهتفون: سلموا أنفسكم!». كما أكدت هي وزوجة أخرى أن أحد المقاتلين عرّف عن نفسه بأنه من “قوات الأمن الحكومية” ووعدهم كذباً بأن أقاربهن سيعودون قريباً.

  • إجبار على الموت: أظهر فيديو مقاتلين يُجبرون ثلاثة شبان من عائلة عرنوس على القفز من شرفة مبنى سكني بعد التأكد من تصوير عملية قتلهم.

نقل هادي نعمان، صهر أحد الضحايا، عن آخر مكالمة مع الشاب معاذ عرنوس: «اتصل بي وقال: ربما سيقتلوننا؛ أرجوك اعتني بأمي».

  • اعتداء وقتل داخل المستشفى: أعدم جنود حكوميون محمد بحساس، الطالب المتطوع في مستشفى السويداء الوطني.

وصف طارق سور الدين (ممرض)، وهو أحد خمسة عاملين طبيين كانوا حاضرين، لحظة دخول الجنود الصادمة: «بدأوا يقولون: اخرجوا يا خنازير. اركعوا. أنتم الدروز خنازير».

كما أشار يزن أبو هدير (متطوع) إلى محاولة الجنود التغطية على جُرمهم بالقول: «كانوا يسألون ذلك، وكانت جثة محمد موجودة هناك أمامنا»، في إشارة إلى استجوابهم عما إذا كانوا قد تلقوا معاملة جيدة بينما الجثة ملقاة.

  • إهانة الكبار وقتلهم: أكدت شهادات أقارب هزاع الشاطر (74 عاماً) أن المسلحين أهانوه وضربه قبل إعدامه مع ولديه وصهره، حيث صاح أحدهم: «يا شارب، دعني أرى شاربك»، في إشارة مسيئة للحية الدرزية التقليدية.
  • الاعتداء على الزعماء الدينيين: تم احتجاز زعماء دينيين تحت تهديد السلاح.

قدمت سمر هنيدي (ابنة الشيخ محسن هنيدي 93 عاماً) رواية مفصلة، حيث تلقت رسالة بهاتف شقيقها عدنان بعد مقتله تضمنت صورته ملقى على الأرض.

كما شاهدت فيديو لوالدها وهو يحاول صد يد مقاتل يقص شاربه قسراً بعد إهانته بالصراخ: «لقد فقدتك خنازيرك!»، ما أدى لوفاة الأب لاحقاً.

اقرأ أيضاً:إدلب: اشتباكات وبيانات غاضبة بعد تحرك حكومي ضد كتيبة الغرباء الفرنسية

السويداء.. خيانة للوعود وتصاعد التوتر

عندما أطاح المتمردون بنظام الأسد، استقبل السوريون الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع بمزيج من القلق والتفاؤل الحذر. وقد نأى الشرع بنفسه عن جذوره الجهادية وتعهد بحماية الأقليات.

انفجار الفوضى: بدأ سفك الدماء صيفاً بنزاع بين أبناء الطائفة الدرزية وبدو مسلحين، لكن تدفق آلاف الجنود الحكوميين إلى المنطقة أدى إلى “هجمة دموية ضد المدنيين” بدلاً من تهدئة القتال.

النتائج الكارثية: أدت موجة العنف الطائفي إلى مقتل نحو ألفي شخص، وكشفت عن عجز الحكومة عن السيطرة على المقاتلين، ما غذّى مخاوف الأقليات من هيمنة “قومية إسلامية سنية جديدة”.

تداعيات الانقسام:

دعا الزعيم الروحي الدرزي الأعلى إلى انفصال السويداء، ومنعت العناصر الدرزية دخول المسؤولين الحكوميين للمحافظة.

أدت المجازر إلى تباطؤ مفاوضات انضمام قوات الأقلية الكردية إلى الحكومة، ولم تشارك السويداء والشمال الشرقي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

رد الحكومة والتعهدات الهشة

أدانت الحكومة السورية أعمال العنف وتعهدت بالتحقيق ومحاسبة الجناة، ووعد الشرع أمام الأمم المتحدة بـ”تقديم كل يد ملطخة بدماء الأبرياء إلى العدالة”.

إلا أن هذه التعهدات لم تخفف من مخاوف الدروز، حيث لخصت سمر هنيدي الموقف “لنيويورك تايمز” قائلة: «والآن، بعد كل هذا، من المستحيل بالنسبة لي أن أثق بهم أو أتصالح معهم»، مؤكدة على أن المجازر نسفت الثقة تماماً. وقد أشار التقرير إلى أن إسرائيل تدخّلت أيضاً بشن غارات جوية لحماية الدروز.

 

اقرأ أيضاً:السويداء: إسقاط درون لوزارة الداخلية يهدد الهدنة الهشة والتوتر يتجدد

اقرأ أيضاً:قيود مشددة على السفر من السويداء إلى دمشق تتطلب موافقة أمنية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.