تكشف مصادر قريبة من مصرف سوريا المركزي لشبكة “داما بوست” أن الجهة المسيطرة على العمليات المالية في الداخل السوري باتت شركة “شام كاش”، والتي تعمل بدون تراخيص نظامية حتى الآن، وهي واحدة من الشركات التي كانت قد أسستها شخصيات نافذة في “هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة”، خلال فترة سيطرتها على إدلب قبل سقوط النظام السابق للتحكم بالعمليات المالية في شمال غرب سوريا، ومن بين مجموعة من الشركات التي كانت تعتبر من النظام الاستثماري الخاص بـ “الهيئة”، لتأمين موارد تمويل ذاتي، مثل شركة “زاجل”، للنقل الداخلي، وشركة “وتد”، للبترول والتي تعمل حالياً وبشكل غير معلن على تأمين المحروقات للسوق السورية وتستحوذ على كامل محطات بيع الوقود الحكومية بما في ذلك المحطات التي كانت تتبع لوزارة الدفاع وكان مخصصة لآلياتها، إضافة إلى شركة “اكتفاء”، و شركة “غراس”، اللتين تعملان فيما يسمى بـ “التطوير الزراعي”، وكانت اكتفاء من خلال ارتباطها بـ “هيئة تحرير الشام”، قد أجبرت بعض سكان القرى العلوية في سهل الغاب بريف حماة على توقيع عقود تأجير طويلة الأمد لأراضيهم مقابل مبالغة بخسة.
بالعودة لـ شام كاش، تقول المصادر لشبكة “داما بوست” إن الشركة لا تمتلك أي ارتباط مباشر بـ الحكومة السورية رغم أنها تتحكم بكامل العمليات المالية بما في ذلك تسليم رواتب الموظفين، ولا يبدو أن التطبيق الخاص بالشركة آمن برمجياً، ومن الممكن أن يحتوي على وسائل التجسس على هواتف المستخدمين، إذ لا يتوافر التطبيق على المواقع المعتبرة والمعروفة لتحميل تطبيقات الهاتف المحمول، الأمر الذي يثير شكوك حول أمن المبالغ المودعة في حسابات شام كاش من جهة، وسلامات بيانات المواطنين الذين أجبروا على استخدام التطبيق للحصول على رواتبهم.
ويقول أحد الصحفيين العاملين في دمشق لـ داما بوست: حاولت الوصول إلى مسؤولي الشركة لإجراء لقاءات معهم حول بعض القضايا المتعلقة بعمل الشركة، إلا أن الردود التي وصلت عبر المكتب الإعلامي لـ مصرف سوريا المركزي كانت بالرفض، والأمر مرتبط من وجهة نظري بحرص القائمين على الشركة بعدم الكشف عن أنفسهم بشكل مباشر للسكان بما يمكن من التهرب من المسؤولية القانونية أمام الرأي العام في حال حدوث أي طارئ.
بحسب المعلومات التي حصلت عليها “داما بوست”، فإن “شام كاش”، باتت تعد بمثابة “بيت المال”، الخاص بالحكومة الانتقالية، فأي مبالغ مالية بالعملة الأجنبية تصل إلى خزينة المركزي ينقل ما نسبته 50 بالمئة منها إلى إدلب، إضافة إلى نقل كميات من احتياطي الذهب، إذ لا صحة للأنباء التي تحدثت سابقاً عن عدم قدرة الحكومة المركزية من الوصول إلى احتياطي الذهب بسبب عدم التمكن من فتح باب الخزينة الأساسية، ولم تنقل كامل كمية الاحتياطي الوطني من الذهب والتي تقدر بـ 200 طن، وإنما نقل كميات تراوح بين 40 -50 طن حتى الآن وبصورة غير قانونية بالمرة، وبإشراف مباشر من قبل رئيس المرحلة الانتقالية “احمد الشرع”.
وتشير التقديرات إلى أن المسؤول المباشر عن شام كاش هو “أبو مريم الاسترالي”، والذي يعتبر الذراع الاقتصادية لحكومة الشرع ويتحكم بالكثير من الشركات التي كانت مملوكة لمستثمرين سوريين، إضافة لسيطرته المباشرة على كامل شركات رجل الأعمال “يسار إبراهيم”، الذي كان يعرف بكونه الواجهة الاقتصادية لرئيس النظام السابق بشار الأسد، وتقول المصادر التي تواصلت معها “داما بوست”، داخل المصرف المركزي أن “الاسترالي” يتردد على مكتب حاكم مصرف سوريا المركزي عدة مرات خلال الشهر، ويشرف بشكل مباشر على عمل المصرف وكل ما يتعلق بالحركة المالية في المؤسسات المصرفية والأسواق المالية في دمشق، وهو صاحب فكرة “حبس السيولة”، من خلال خفض سقف السحب اليومي من البنوك السورية بما يجبر المواطنين على صرف مدخراتهم من الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية في السوق السوداء التي تنتهي عند تجار مرتبطين بشكل مباشر بـ “الاسترالي”.
تؤكد المصادر في الوقت ذاته، أن “شام كاش”، ومن خلال التحكم بالسوق والحركة المالية للموظفين بما في ذلك عناصر قوى الأمن الداخلي والقوات العسكرية، تحقق إيرادات يومية عالية من خلال عمليات التحويل الداخلي الإلكتروني، وهي بصدد إطلاق مشروع “بطاقة فيزا”، على الرغم من عدم وجود شركات عالمية في السوق السورية لتحقيق سوق مدفوعات إلكترونية، وتستفيد الشركة من غطاء وحماية أمنية مباشرة من الحرس الخاص بـ القصر الجمهوري خلال تحرك السيارات التابعة لها محملة بالأموال بين دمشق وإدلب، علماً أن أهم ما تم سحبه من الأموال كان مبالغ التبرعات التي جمعت مؤخراً من خلال حملات شعبية، حيث تم تجميع الأموال أولاً في خزينة مصرف سوريا المركزي قبل أن يتم نقلها، علماً أن المبالغ التي أعلن عنها خلال حملات التبرع والتي تزيد عن 700 مليون دولار كانت وهمية، والحصيلة الحقيقية الواردة إلى خزينة المركزي حتى الآن لم تتجاوز 250 مليون دولار أمريكي.
إقرأ أيضاً: بدون منافسة.. هل تمنح الحكومة الانتقالية شركة طيبة إدارة محطات الوقود؟
إقرأ أيضاً: سادكوب تحت المجهر: محاولة استحواذ من كيان مشبوه تفضح الترهل الإداري في قطاع الطاقة السوري