منظمات حقوقية عن أحداث الساحل: السؤال كان: “أنت علوي؟”… والإجابة رصاصة”

قالت كل من هيومن رايتس ووتش، وسوريون من أجل الحقيقة والعدالة، والأرشيف السوري في تقرير مشترك صدر اليوم، إن الحكومة السورية الانتقالية فشلت في تحقيق الشفافية المطلوبة بخصوص التحقيقات في الانتهاكات الواسعة التي وقعت في ثلاث محافظات سورية خلال شهر مارس/آذار 2025.

ورغم تعهد السلطات بمحاسبة المسؤولين عن الفظائع، لم توضح ما إذا كانت التحقيقات شملت كبار القادة العسكريين والمدنيين، أو ما هي الخطوات الملموسة لضمان محاسبة من يمتلكون السلطة القيادية.

تقرير حقوقي يوثق استهدافاً طائفياً وجرائم واسعة النطاق:

يحمل التقرير المشترك عنوان: “أنت علوي؟ الاستهداف القائم على الهوية خلال المرحلة الانتقالية في سوريا” ويغطي فترة الهجمات بين 6 و10 مارس/آذار 2025.

أبرز ما وثّقه التقرير:

1- إعدامات ميدانية وتعسفية

2- مداهمات عنيفة ونهب للمنازل

3- تدمير متعمد للممتلكات

4- إساءة معاملة المحتجزين

5- استهداف المدنيين على خلفيات طائفية، خاصة من الطائفة العلوية

وذكر التقرير أن هذه الانتهاكات ارتكبت في سياق عملية عسكرية منسقة، أشرفت عليها وزارة الدفاع السورية الانتقالية، واستمرت حتى بعد علم المسؤولين بوقوع الفظائع.

غياب المحاسبة لكبار المسؤولين يهدد العدالة:

قالت هبة زيادين، كبيرة الباحثين في شؤون سوريا لدى هيومن رايتس ووتش: “اعتراف الحكومة بالفظائع خطوة مهمة، لكنها لا ترقى لتحقيق العدالة، ما لم يتم التحقيق مع ومعاقبة القادة الذين مكّنوا هذه الجرائم أو لم يمنعوها.”

كما أشار بسّام الأحمد، المدير التنفيذي لـ “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، إلى أن غياب توقيع رسمي على الأوامر لا يعفي كبار المسؤولين من المسؤولية، موضحاً أن “الفشل في وقف القتل والنهب يُعد تقصيراً وضعفاً في القيادة”.

لجنة التحقيق السورية تعترف بوقوع الفظائع ولكن…

في يوليو/تموز 2025، أعلنت “اللجنة الوطنية السورية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل” عن نتائجها خلال مؤتمر صحفي في دمشق، مؤكدة مقتل 1,426 مدنياً وإحالة 298 مشتبهاً بهم للقضاء.

لكن التقرير الحقوقي ينتقد هذه النتائج لأنها تغافلت عن المسؤولية المؤسسية الأوسع، ولم تتطرق لدور كبار المسؤولين في تمكين الانتهاكات أو عدم منعها، ما يترك الباب مفتوحاً أمام الإفلات من العقاب.

أدلة موثقة: استهداف ممنهج على الهوية:

تستند نتائج التقرير المشترك إلى أكثر من 100 مقابلة مع ناجين، وشهود عيان، ومقاتلين، وصحفيين، إضافة إلى أدلة بصرية وصور أقمار صناعية تم التحقق منها.

شهادات صادمة:

مدنيون قالوا إن القوات الحكومية وميليشيات موالية استجوبوا الضحايا بشأن طائفتهم قبل إعدامهم.

في قرية برابشبو جنوب اللاذقية، أُعدم رجل فقط لأنه علوي، بحسب إفادة زوجته.

اعترف بعض المقاتلين المرتبطين بوزارة الدفاع بأن الأشخاص أُعدِموا فقط بسبب هويتهم المتصوَّرة. قال عضو في “الجيش الوطني السوري” إنه خلال المداهمات من منزل إلى منزل، “قُتل الناس فقط لأنهم علويون”.

استمرار الانتهاكات بعد مارس: حمص، حماة، السويداء:

ورصد التقرير المشترك أن الانتهاكات لم تتوقف في مارس/آذار، بل استمرت في مناطق أخرى مثل حمص وريف حماة، ووصلت في يوليو/تموز إلى محافظة السويداء، حيث تحدث السكان الدروز عن إعدامات ميدانية ونهب وتدمير خلال عمليات أمنية مشتركة لوزارتي الدفاع والداخلية.

مطالب وتوصيات المنظمات الحقوقية:

دعت المنظمات الثلاث الحكومة السورية الانتقالية إلى:

1- نشر التقرير الكامل للجنة التحقيق وعدم الاكتفاء بملخص إعلامي

2- ضمان حماية الشهود وهوياتهم

3- محاسبة المسؤولين على المستوى المؤسسي، لا فقط الأفراد المنفذين

4- السماح بوصول آليات المساءلة الدولية، بما فيها تلك التابعة للأمم المتحدة

5- تنفيذ إصلاحات أمنية شاملة تشمل التحقق من خلفيات المقاتلين وطرد المنتهكين

6- وضع هياكل قيادة واضحة ومدونات سلوك ملزمة

وقالت جلنار أحمد، مديرة برنامج الأرشيف السوري: “الأمر لا يتعلق بأسبوع واحد من العنف في مارس، بل بنمط أوسع من الانتهاكات يحتاج إلى معالجة مؤسسية شفافة وعاجلة.”

إقرأ أيضاً: الانتهاكات بحق النساء في السويداء والساحل

إقرأ أيضاً: مقارنة بين تقرير الأمم المتحدة وتقرير اللجنة الوطنية حول أحداث الساحل

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.