البوكمال على حافة الانهيار.. فوضى السلاح تهدد المجتمع

على ضفاف الفرات، تعيش مدينة البوكمال واحدة من أخطر مظاهر الفوضى بعد الحرب، حيث لم يعد السلاح وسيلة دفاع فقط، بل تحوّل إلى لغة يومية للتعبير عن الفرح والحزن وحتى النزاعات البسيطة.

أصوات الرصاص باتت جزءاً من المشهد اليومي، من حفلات الزفاف إلى نجاح الطلاب، وصولاً إلى الخلافات العائلية الصغيرة.

يقول أبو أحمد، أحد سكان المدينة، لموقع “نورث برس”: “حياتنا أصبحت رهيبة. لا نستطيع إخراج أطفالنا للعب خوفاً من الرصاص الطائش. قبل أسبوع تحوّل عرس في شارعنا إلى مأتم. نحن لا نخاف من المعارك الآن، بل من أفراحنا وأحزاننا”.

الأسلحة في متناول الجميع وبأسعار زهيدة، بحسب الناشط مجد السعد، الذي يوضح أن البوكمال بحكم موقعها الحدودي صارت ممراً رئيسياً للتهريب، ما جعل السلاح متوفراً بكثرة وسهل المنال، خصوصاً بين الشباب الباحثين عن وسيلة لإثبات الذات. والنتيجة، كما يقول، سلسلة من الحوادث المأساوية: أطفال يقتلون أثناء اللعب، نساء يُصبن برصاص طائش، وآخرها إصابة طفل برصاصة خلال إطلاق نار ابتهاجاً بخروج أحدهم من السجن.

ورغم محاولات الأجهزة الأمنية للحد من الظاهرة، إلا أن قدراتها محدودة. عويد الدحام، من اللجنة الأمنية، يقول “للموقع نفسه”: “نقوم بحملات توعية، لكننا نفتقر للتفويض الكامل والإمكانات الكافية”.

الأولويات الرسمية ما تزال مركزة على مكافحة الإرهاب، بينما تُترك مشاكل المجتمع الداخلية بلا حلول.

في الجانب الطبي، يصف الجراح أدهم البرغش الوضع بالكارثي: “نشهد يومياً إصابات بطلقات نارية، معظمها عرضية. كثير منها ينتهي بالوفاة. المؤسسات الصحية غير قادرة على تحمّل العبء، ونحمّل المسؤولية للجهات المعنية أولاً ومطلقي النار ثانياً”.

أهالي المدينة يرون أن الحل يتجاوز الإجراءات الأمنية، ليشمل سحب السلاح من الأيدي المدنية، وتطبيق القانون بلا استثناءات، إضافة إلى مشاريع تنموية توفر فرص عمل للشباب وتحد من لجوئهم إلى السلاح.

البوكمال اليوم، وفق وصف السكان، على حافة الانهيار، والرصاصة التي تُطلق فرحاً بمولود جديد قد تكتب نهاية لطفل آخر في طريقه إلى المدرسة. التحدي الحقيقي ليس في إسكات البنادق فقط، بل في إعادة بناء المجتمع وزرع الأمل مكان الخوف.

 

اقرأ أيضاً:صحفي سوري يتعرض لتهديدات بالقتل بعد انتقاده السلاح المنفلت

اقرأ أيضاً:إصابة رضيع برصاصة طائشة في دير الزور

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.