الأسواق السورية: انخفاض الأسعار المستوردة يهدد الصناعة الوطنية
تشهد الأسواق السورية تدفقاً كبيراً للبضائع الأجنبية بعد خفض الرسوم الجمركية وتسهيل إجراءات الاستيراد، ما انعكس على تراجع الإقبال على المنتجات الوطنية وطرح معادلة صعبة أمام الصناعيين.
انفتاح استيرادي وتأثيره على الصناعات المحلية
أعلنت وزارة التجارة مطلع العام الجاري عن تخفيض الرسوم الجمركية بما يزيد عن 50% في بعض البنود، وتقليص مدة التخليص الجمركي إلى أيام قليلة. وأسفر ذلك عن انتشار واسع للسلع المستوردة في أسواق دمشق، من ألبسة وأحذية إلى مواد غذائية ومستحضرات تجميل، بأسعار أقل من المنتجات المحلية، ما جذب المستهلكين وزاد من الضغوط على الصناعات الوطنية.
وتشهد مدينة حلب احتجاجات من ورش صناعة الأحذية ضد ما وصفوه بـ”إغراق السوق بالبضائع الصينية”، مؤكدين أن نحو 5000 ورشة بدأت بإغلاق أبوابها وتسريح عمالها نتيجة القرارات الحكومية، مطالبين بحماية المنتج الوطني ورفع الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية.
خسائر واسعة وحملات ترويجية
في دمشق، لجأت محال الألبسة إلى تخفيضات واسعة لتصريف البضائع المحلية بعد تراجع الطلب، بينما ارتفعت شعبية المنتجات المستوردة الأرخص، كما هو الحال في مستحضرات التجميل، حيث بدأ بعض التجار استبدال المنتجات الوطنية بالمستوردة الصينية.
وأوضح صاحب إحدى العلامات الوطنية في مستحضرات التجميل أن شركته تكبدت خسائر كبيرة، لكنها تحاول استعادة نشاطها عبر الحملات الإعلانية وتخفيض الأسعار، مؤكداً ثقتها في جودة المنتج الوطني مقارنة بالسلع الرخيصة المستوردة.
الهوة السعرية تقرر خيارات المستهلك
تشير الفوارق السعرية إلى جانب من أسباب تفضيل المستهلك للسلع المستوردة: سعر المنتج الوطني من مستحضرات التجميل يصل إلى 35 – 45 ألف ليرة، بينما يتراوح سعر المستورد من 18 – 25 ألفاً، كما أن بنطلونات “الجينز” الوطنية تتراوح بين 150 – 400 ألف ليرة مقابل 100 ألف فقط للمنتج التركي المستورد.
معادلة صعبة للسوق السورية
يبدو المستهلكون اليوم مستفيدين من انخفاض الأسعار وتنوع المعروض، لكن الصناعيين يحذرون من أن استمرار الهيمنة الاستيرادية قد يؤدي إلى انهيار قطاعات إنتاجية كاملة، خصوصاً الصناعات كثيفة العمالة مثل الألبسة والأحذية ومستحضرات التجميل، مع فقدان فرص العمل وتعتمد السوق بالكامل على المستورد مستقبلاً.
وتظل الأسواق السورية أمام معادلة صعبة: وفرة آنية في السلع المستوردة مقابل تهديد طويل الأمد للصناعة الوطنية وفرص العمل، ما يطرح جدلاً بين حماية المستهلك وحماية المنتج المحلي.
اقرأ أيضاً:احتجاجات في حلب: أصحاب ورشات الأحذية يطالبون بحماية الصناعة المحلية من البضائع الصينية