أزمة المياه في دمشق: تراجع غزارة نبع الفيجة يهدد الأمن المائي للعاصمة
تحولت أزمة المياه في دمشق وريفها إلى هاجس يومي لملايين السكان، بعد الانخفاض الكبير في غزارة نبع الفيجة الذي يعد المصدر الرئيسي لمياه الشرب في العاصمة. ومع تراجع التدفق إلى مستويات قياسية، ارتفعت المخاوف من وصول تقنين المياه إلى حد تزويد السكان بالمياه يوماً واحداً فقط في الأسبوع.
نبع الفيجة… شريان دمشق المائي
يعتبر نبع الفيجة أهم مصدر للمياه في العاصمة السورية، إذ يغطي نحو نصف احتياجاتها اليومية. ويتمتع النبع بقيمة تاريخية وثقافية، حيث ارتبط بتوزيع المياه في دمشق منذ الاحتلال العثماني، وتمحورت حوله مشاريع الإمداد والتوزيع على مدى عقود.
ورغم وصول مياه المؤسسة العامة أحياناً، إلا أن كثيراً من سكان دمشق يفضلون تعبئة المياه مباشرة من النبع، معتبرين أن طعمها ونقاوتها مختلفان، وهو ما حولها إلى جزء من الثقافة اليومية للعائلات الدمشقية.
أسباب أزمة المياه في دمشق
تراجع غزارة نبع الفيجة يعكس هشاشة الوضع المائي في العاصمة، والذي يتأثر بعدة عوامل:
1- تغير المناخ وتقلبات الطقس.
2- نقص الأمطار خلال مواسم الشتاء.
3- الأعطال التقنية في المصادر الثانوية.
4- الاعتماد المفرط على مصدر مائي واحد.
ووفق تصريحات رئيس مركز نبع الفيجة والقطاع الغربي في مؤسسة مياه دمشق وريفها، خالد حسن، لـ “العربي الجديد” فإن تدفق النبع انخفض من 20 متراً مكعباً في الثانية عام 2024 إلى مترين مكعبين فقط في العام الحالي، ما أجبر المؤسسة على إعلان حالة طوارئ وتشغيل أكثر من 400 مصدر مائي بديل.
خطط الطوارئ لمؤسسة مياه دمشق
لمواجهة أزمة المياه الحالية، وضعت المؤسسة بحسب حسن خطة من أربعة محاور:
1- إعادة تشغيل مئات المصادر المائية الاحتياطية.
2- تنظيم أدوار توزيع المياه بين أحياء دمشق وريفها.
3- إطلاق حملات لترشيد استهلاك المياه.
4- التعاون مع وزارات الإعلام والصحة والتربية لنشر الوعي.
ويقول رئيس مركز نبع الفيجة إن المؤسسة حذرت في الوقت نفسه من أن الاعتماد المكثف على الآبار المحلية ما قد يؤدي إلى جفاف بعضها، مما يزيد خطورة الوضع المائي.
الحلول المستقبلية المقترحة
يرى خبراء الموارد المائية أن أزمة مياه دمشق تكشف الحاجة إلى مشاريع استراتيجية طويلة الأمد، مثل:
1- تحلية مياه البحر على الساحل السوري.
2- استجرار المياه من مصادر إضافية خارج العاصمة.
3- تحسين كفاءة الاستهلاك المنزلي والمؤسساتي.
4- تطوير شبكات التخزين والخزانات المنزلية.
ويؤكد خبراء أن غياب هذه المشاريع سيجعل أي تراجع جديد في غزارة نبع الفيجة خطراً مباشراً على الأمن المائي لدمشق، خاصة مع ازدياد عدد السكان وارتفاع الطلب على المياه.
أزمة المياه في دمشق… بين الحاضر والمستقبل
أزمة نبع الفيجة لم تعد مجرد مشكلة تقنية، بل قضية استراتيجية تمس حياة ملايين السوريين. فهي تكشف عن هشاشة البنية التحتية للمياه في العاصمة، وتؤكد ضرورة الاستثمار في حلول مستدامة لمواجهة التغير المناخي وشح الموارد المائية، بما يضمن بقاء المياه متاحة لأهالي دمشق في السنوات القادمة.
إقرأ أيضاً: خبير سوري: مشروعان جاهزان يمكن أن ينقذا سوريا من الجفاف والحرائق
إقرأ أيضاً: الجفاف القاتل يوجع الفلاحين السوريين: انهيار الزراعة ومخاوف من تدهور الأمن الغذائي