سعر صرف الليرة السورية يواصل الانخفاض.. تعافٍ مؤقت أم دائم؟

يشهد سعر صرف الليرة السورية تحسناً نسبياً في قيمتها مقابل الدولار الأمريكي في السوق الموازية، حيث سجل في افتتاح اليوم الأربعاء 13500 ليرة للدولار، وذلك بعد أن وصل قبل أيام إلى أعلى مستوى له في تاريخ البلاد عندما سجلت 15500 ليرة.

وتأتي هذه التحسنات في سعر الصرف في وقتٍ بدأ فيه مصرف سورية المركزي اتخاذ إجراءات تهدف للمحافظة على الاستقرار المالي فيما يخص القطع الأجنبي، وزيادة قدرة المصارف على تمويل المستوردات، وبالتالي تخفيض الفجوة بين سعر صرف السوق الموازية والسوق المصرفية، التي وصل سعر صرف الدولار فيها إلى 10700 ليرة بحسب نشرة الحوالات.

ورغم ذلك، ما زالت أسعار السلع والخدمات في ارتفاع جنوني بمختلف أسواق المحافظات السورية، حيث يشكو المواطنون من انخفاض قيمة رواتبهم وانعدام قدرتهم على شراء احتياجاتهم الأساسية، نتيجة تضاعف معدّل التضخم بمعدلات كبيرة خلال أقل من شهرين.

أسباب مبهمة لانخفاض سعر الصرف

الخبير المصرفي “عامر شهدا” اعتبر في حديثه لـ “داما بوست” أنه يجب معرفة عوامل ارتفاع سعر الصرف قبل معرفة عوامل انخفاضه، مطالباً المصرف المركزي بتوضيح الإجراءات التي يتخذها وكشف سياسيته النقدية التي أدت لهذا الانخفاض.

واستغرب “شهدا” هذا الانخفاض، في ظل عدم وجود أي مبرر اقتصادي لحدوثه، وتراجع الاستهلاك، فضلاً التضخم الذي حصل بفعل قرارات رفع الأسعار، مشيراً إلى أن الأسعار في السوق لا تتوافق مع هذا الانخفاض، في حين أنها ترتفع بوتيرة متسارعة، بحسب تعبيره.

ورأى “شهدا” أن هذا الانخفاض في سعر الصرف سيقابله في الفترة المقبلة ارتفاع كبير، في حال استمرار الوضع الاقتصادي بالتراجع وانخفاض الإنتاج وقلة الاستهلاك وندرة التصدير، مطالباً الحكومة بتخفيض أسعار المشتقات النفطية التي تم رفعها بوقت سابق نتيجة ارتفاع سعر الصرف، على حد تعبيره

وبحسب “شهدا” فإن الحكومة تركّز على موضوع سعر الصرف منذ سنوات وتتناسى الأمور الأكثر أهمية، كتحسين الناتج المحلي وزيادة القدرة الشرائية والالتفات إلى معالجة الأزمات المعيشية، متسائلاً حول ما إذا كان الاقتصاد الوطني بالكامل مرتبط بسعر الصرف، وقال.. “انحصر كل المجهود الحكومي بسعر الصرف، هذا يشير غلى أن القطاع الخاص استطاع أن يحوّل الفكر الحكومي إلى فكر تجاري”.

سد الثغرات!

الصناعي “عاطف طيفور” أوضح لـ “داما بوست” أن سعر الصرف له بنود غير متناهية، تتضمن ثغرات من المفروض سدها لضبط الارتفاع المستمر، مبيناً ان المصرف المركزي اتخذ إجراءات إسعافية ساعدت في ضبط السعر ومن ثم نزوله تدريجياً، متأملاً بألا يكون هنالك ردة فعل عكسية من قبل المضاربين، وأن يستمر السعر بالانخفاض.

وأشار “طيفور” إلى أن إجراءات ضخ السيولة في السوق كانت تستنزف المصرف المركزي، وأن ارتفاع سعر الصرف ووصوله إلى مستويات مرتفعة لم يكن بفعل عوامل اقتصادية، لافتاً إلى أن الارتفاع كان سببه وجود بعض الثغرات التي استغلها المضاربون، من بينها منصة تمويل المستوردات، كون قيمة المستوردات السورية تشكل نحو ملياري دولار، مبيناً أن هذا المبلغ كان يتحرك في السوق بشكل عشوائي لأن التسديد إلى المنصة “كاش” الأمر الذي كان يستغله المضاربون.

ولفت “طيفور” إلى أن المركزي وضع حداً لهذا الإشكال وجعل التسديد يتم عبر المصارف وبالليرة السورية حصراً، هذا يعني أن التجار أصبحوا مضطرين لتصريف الدولارات يمتلكونها من أجل عمليات الإيداع، مشيراً إلى أن موضوع الضرائب والتعسّر الضريبي هو إحدى الثغرات أيضاً التي يتم حالياً العمل على سدها، من خلال تحصيل الضرائب المتراكمة بأسرع وقت حتى لا تفقد قيمتها بشكل أكبر، مبيناً أنه لو تم هذا الإجراء في وقت سابق لكانت زيادة الرواتب من الممكن أن تكون بنسبة مئة بالمئة.

وذكر “طيفور” أن هنالك ثغرة أخرى تستنزف المركزي تتمثل بالمناقصات التي تعلن عنها الحكومة والتي تجري بالليرة السورة، حيث يضع التاجر هامش أمان يصل أحياناً إلى مئة في المئة حتى يقدم على المناقصة كي لا يخرج منها خاسراً، مبيناً أن الاقتراح الأفضل هو إجراء هذه المناقصات بالدولار باعتبار أن التاجر سوف يدفع وفق هذا الأساس بكلا الحالتين، مبيناً أن هذه الإجراءات ليست اقتصادية بحت بل هي تلامس الواقع المعيشي كذلك.