كلمة واحدة قد تغيّر نظرتكِ للأمومة: الحب
العلاقة بين الأم والطفل تُعد من أعمق وأسمى العلاقات الإنسانية، فهي أساسٌ متين يبقى حاضرًا في الوجدان مهما طال الزمن، الحب هو جوهر هذه العلاقة، وهو ما يُشكّل شخصية الطفل ويمنحه الأمان والثقة في العالم من حوله.
فالعلاقة السليمة بين الأم وطفلها تُسهم في نموه الحسي والعقلي والمعرفي، وتساعده لاحقاً على بناء علاقات صحية ومثمرة.
عندما يولد الطفل، تكون أمه أو مقدّم الرعاية البديل أول من يقيم معه علاقة مباشرة، ومن هنا تبدأ ملامح الأمن العاطفي في التكوّن، الشخص الذي يحظى بعلاقة قائمة على الحب والاحترام مع أمه، غالباً ما يكون أكثر توازناً واستقراراً من الناحية النفسية في المستقبل.
لكي ينمو الطفل مكتفياً ذاتياً، آمنًا وسليماً نفسياً، لا بد أن يعيش في بيئة أسرية هادئة، مليئة بالحب والحنان، تحترم احتياجاته، وتعلمه في الوقت ذاته أن للحياة حدودًا وقواعد يجب احترامها.
تقول الأستاذة الدكتورة إيميل ساري غوكتن:
“إن تلبية احتياجات الطفل في سنته الأولى، وتربيته على أساس من الحب والاهتمام، تعزز شعوره بالثقة، من الضروري أن يحصل الطفل ليس فقط على الرعاية الجسدية، بل أيضاً على جرعة كافية من العاطفة والحنان.”
وتشير الدراسات إلى أن المهارات اللغوية والإدراكية والاجتماعية لدى الأطفال تتطور بشكل أفضل عندما تتواصل الأمهات مع أطفالهن منذ اللحظات الأولى بعد الولادة.
ومع بدء الطفل في اكتشاف ذاته، يدخل غالباً في مرحلة من “العناد” مع الأم، وهي مرحلة طبيعية تتطلب صبراً وتفهّماً، في هذه المرحلة، لا بد من السماح له بالاستقلال تدريجياً، مع تعليم الحدود بشكل هادئ ومتزن.
الحب أولاً، ثم القواعد.
لا بد أن تقوم العلاقة بين الأم وطفلها على مزيج من الحب والثقة والانضباط، على الأبوين أن يعملا كفريق واحد، يتشاركان الأدوار ويوجهان رسائل متناسقة للطفل، الهدف الأسمى هو تنشئة شخصية ناضجة، قادرة على التعبير عن ذاتها، تثمّن دور والديها، وتحب الآخرين وتحترمهم.
لا ينبغي ترك مسؤولية الطفل للأم وحدها!
في مجتمعاتنا الأبوية، غالباً ما تتحمل الأم العبء الأكبر من مسؤولية تربية الطفل، ما يثقل كاهلها ويؤثر سلباً على حالتها النفسية وعلاقتها بأطفالها، هذا الوضع قد يُفقد العلاقة توازنها، ويُضعف الصحة النفسية لدى الطفل، من الضروري أن يشارك الأب أو أفراد العائلة في الرعاية والدعم، ويمنحوا الأم فترات راحة لتجديد طاقتها.
السلوكيات الخاطئة في تربية الأطفال:
الإجهاد والتوتر قد يؤديان أحياناً إلى ممارسات أبوية سلبية مثل التهديد، الصراخ، أو الضرب. وقد أثبتت الدراسات أن هذه السلوكيات يمكن أن تظهر في جميع الفئات الاجتماعية، الحل؟ تربية تقوم على التعاون بين الوالدين، الحب، ووضع قواعد واضحة وثابتة.
اخلق بيئة من الحب والرعاية لطفلك:
تبدأ العلاقة بين الأم والطفل منذ الحمل، عندما يشعر الجنين بنبض قلب أمه وصوتها الحنون. وبعد الولادة، يتعرف عليها من رائحتها، ولمستها، ونبرتها الدافئة، هذه العلاقة الفطرية تنمو مع مرور الوقت، وتزدهر عندما تُعزّز بالرعاية المستمرة والاحتواء.
الأم ركيزة استقرار الأسرة:
تلعب الأم دورا جوهريا في تعزيز مشاعر الحب والتماسك بين أفراد الأسرة، وتُعد القدوة الأولى للأبناء، عندما يرونها تتصرف بعدالة وحنان، يتعلمون احترام الآخرين، والتسامح، والحوار.
وحرصها على تنظيم الأنشطة العائلية، مثل اللعب أو الطهو أو الخروج في نزهات، يخلق لحظات جميلة تترسخ في الذاكرة وتعمّق الروابط بينهم.
العدالة في المعاملة بين الأبناء تُعد من أهم العوامل التي تُعزز المحبة وتُخفف من الغيرة، كما أن دور الأم كوسيط عند الخلافات يساعد الأبناء على تعلّم مهارات الحوار وحل النزاعات.
خلاصة القول:
دور الأم لا يقتصر على الرعاية الجسدية فقط، بل يمتد إلى بناء بيئة عاطفية واجتماعية تهيئ الطفل ليكون فردا سويا، ناضجا، ومحبا. فبحنانها وحكمتها، تُنشئ الأم جيلا مترابطا، يشكل اللبنة الأولى لمجتمع قوي، متماسك، وقادر على الحب والعطاء.
اقرأ أيضاً: نساء شمال شرق سوريا: صامدات يحافظن على “خبز التراث” في وجه النكبات
اقرأ أيضاً: نساء سوريات في مصر.. من أوجاع اللجوء إلى ريادة العمل والإبداع