هل “حجب الثقة” ما نريده فعلاً؟

داما بوست | حيدر مصطفى

وسط دوامة الصمت العام، والهزات الارتدادية لزلزال الاقتصاد وانهياراته المتتالية، ومشهد هبوط قيمة العملة إلى مستويات غير مسبوقة، فاجأ مجلس الشعب الرأي العام، بدعوة أعضائه لعقد دورة استثنائية يوم الإثنين لمناقشة الواقع الاقتصادي وسعر الصرف، وفي الحقيقة فوجئنا، فدور المجلس في هذا الصدد كان غائباً إلى حد كبير، أو على الأقل لم نسمع عن إنجازات واضحة الأثر في هذا الخصوص خلال الفترة الماضية.

وحظيت الدعوة بتفاعل كبير، على “فيسبوك” طبعاً، وتحولت إلى مادة للهزل والانتقادات، فيما راح كثيرون يحللون ويدققون ويتمحصون في خلفياتها وأسبابها، ورسموا توقعات عديدة لمجرياتها، بدءاً من كونها جلسة لإعلان زيادة رواتب، وصولاً إلى ترويج معلومات عن كونها جلسة لسحب الثقة من الحكومة.

وكل التحليلات والآراء التي كتبت، تدعو فعلياً للتمعن والتدقيق والتحليل، بداية من الانتقادات الهائلة التي طالت المجلس وأعضاءه، والتي لم تكن لتحصل بهذا الشكل لو كانت القناعة بدور المجلس وعمله أكبر من القناعة بقلة فاعليته، وهذا الكلام ليس من باب الظلم أو الإساءة للمؤسسة، بل دعوة لإعادة تقييم دورها، وفاعلية النسبة الأكبر من أعضاءها، وإجراء مراجعة شامله لمنجزات السنوات الثلاث الماضية، خصوصاً وأن عمر المجلس الحالي يشارف على النهاية، وبالتالي أي فعاليات ضخمة كالدعوة لجلسة مماثلة في هذا التوقيت، تثير التساؤلات العديدة عن الجدوى والهدف منها، خصوصاً وأن جلسات عديدة عُقدت في السابق لم يرافقها أي ضجيج أو ترويج كالذي حصل من السبت ظهراً.

وليس خافياً على أحد ولا تجنياً، القول إن الغالبية العظمى من الآراء، كانت في خانة السلبية والتشكيك في قدرة المجلس على اجتراح أي حلول، وعليه طالب الكثير من الصحفيين والصحفيات والعاملين في وسائل الإعلام المحلية والنشطاء، بضرورة بثها عبر الهواء مباشرة، وهو الأمر الذي لا يحصل عادة، ولا يمكن أن يحصل إلى بموافقة رئاسة المجلس، أي أن المسؤولية هنا لا تقع على عاتق الإعلام.
النقطة الثانية التي أثيرت وهي طرح فكرة إمكانية حجب الثقة عن الحكومة في هذه الجلسة، وهو طرح شائك ولا بد وأن يكون دونه مناقشة طويلة ومصارحة مع الرأي العام، وهذه المصارحة ليست من باب الدفاع عن الحكومة حتماً، ولا من باب الجزم في أن المجلس لن يقدم على هذه الخطوة، وإنما من باب الاستبعاد التام لأن يكون الموضوع حتى مطروحاً على طاولة النقاش، لعدة أسباب.

أولاً: في حالة مماثلة لواقعنا الذي لا يمكن وصفه بكلمات، لا يبدو خيار الفراغ الحكومي مناسباً.
ثانياً: الحكومة الحالية، تسير الأعمال بأقسى وأعتى الظروف، اقتنعنا أم لم نقتنع بها، وافقنا أم لم نوافق، اتفقنا مع الأساليب أم لم نتفق، هي تعمل ورغم ذلك نشهد على أسوء مرحلة اقتصادية في تاريخ البلاد الحديث، فهل ستكون النتيجة أفضل في حال الفراغ؟
ثالثا: سؤال في غاية الأهمية يُطرح، ما هي الرسالة التي سيتلقاها المجتمع الدولي والعربي تحديداً من اتخاذ خطوة مماثلة؟ هل تُقرأ هذه الخطوة في البعد السياسي على أنها خطوة في مسار تصحيح اقتصادي داخلي وحسب، أم ستكون بوابة لإعادة سورية إلى الواجهة الإعلامية مجدداً وسوق الدعايات وترويج الأجندات، واعتبارها فرصة للضغط السياسي.
رابعاً: هل نحن بحاجة فعلاً إلى حكومة محجوبة الثقة وماذا يغير الأمر؟ أم بحاجة إلى تصحيح شامل يبدأ من الحكومة والمؤسسات والقوانين وينتهي بتصحيح وتقويم مسار الفرد والمجتمع.

وبناء على ما سبق، يبدو رفع سقف الآمال بمثابة شراء للوهم، لن يحجب المجلس الثقة عن حكومته، قد يسعى إلى مصارحة علنية وجلسة بسقف عالٍ وكلام قاسٍ، وقد يخرج عنها قرارات معينة، قد تصب في صالح الشأن العام، لكن الإدراك لمسار المرحلة، ودور المجلس وقدرة الحكومة، تحتم علينا نسف فكرة “حجب الثقة”، ورغم أملنا في أن تكون الفاعلية الكبرى من نصيب “المجلس” إلا أن رفع سقف التوقعات، يضاعف أثر الخيبات، وعليه فلننتظر حتى الغد، لنرى فيما إذا كانت مسألة “حجب الثقة” ستطرح بإجماع أم بمبادرات فردية، وفيما إذا كانت الجلسة ستنتهي بوضع مسار لتقييم واقع الاقتصاد، أم ستعجز عن ذلك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

آخر الأخبار
وزير التجارة ‏الداخلية: مخزون القمح يكفي لأكثر من ‏عام.. التشدد باتخاذ أقصى العقوبات ‏للمحتكرين استقرار سعر غرام الذهب في السوق المحلي استقرار أسعار النفط قبل اجتماع "أوبك+" من واشنطن.. الملك عبدالله الثاني يؤكد رفضه كل ما يهدد أمن واستقرار سوريا ريال مدريد يتكبد الهزيمة الثانية في الليغا الحرارة حول معدلاتها وأمطار محلية خفيفة متوقعة على بعض المناطق أبرز المباريات العربية والعالمية اليوم الخميس في اليوم الـ426 للعدوان.. حملة اعتقالات واسعة تطال نابلس ليفربول يتعثر أمام نيوكاسل.. والسيتي يستعيد ذاكرة الانتصارات وزير الخارجية المصري يؤكد في محادثات مع نظيريه الإيراني والأميركي وقوف بلاده إلى جانب سوريا كوريا الديمقراطية تؤكد دعمها وتضامنها الكاملين مع سوريا تونس تندد بالهجمات الإرهابية شمال سوريا بضغط عشائري.. "قسد" تسمح للوافدين العرب بالدخول لمناطقها مصدر في وزارة الكهرباء يبين الوضع الكهربائي في محافظة حلب بعد دخول الإرهابيين إليها وزير الخارجية لـ قائد قوة الأمم المتحدة بالجولان: نرفض الإجراءات غير القانونية للاحتلال المالكي يدعو للوقوف مع سوريا بوجه الإرهاب: سقوطها يعني استباحة المنطقة بأكملها "السادة المعامرة الأشراف" بالحسكة: الالتفاف حول الجيش في حربه ضد المجاميع الإرهابية مجلس الشعب يقر مشروع قانون موازنة 2025 قوائم لاهاي السوداء وشبح الاعتقال يطاردان جنود الاحتلال وقادتهم عضو المكتب التنفيذي بريف دمشق لداما بوست: حوالي 40 ألف وافد من حلب وحماة السـورية للطيران: معالجة كافة تذاكر سفر الوافدين من محافظة حلب بكل مرونة مدير النقل الطرقي يتحدث لـ "داما بوست" عن الاجراءات التي تم اتخاذها فيما يتعلق بنقل حلب عشائر دير الزور برسالة للتحالف الأميركي: لسنا تنظيم "داعش".. وسنتعامل مع أي معتد مصدر في وزارة التموين لـ "داما بوست": المخابز تعمل بكامل طاقتها في جميع المناطق دون الحاجة لأوراق ثبوتية.. التربية والتعليم العالي: يمكن للطلبة الوافدين من حلب الالتحاق بالمدارس وا...