تتحضر وزارة الصحة لإطلاق “البرنامج الوطني للكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة” بعمل متكامل تسخر له جهود رسمية وأهلية ومنظمات وجمعيات مدنية وخبراء وأطباء، وبدعم كبير من السيدة الأولى أسماء الأسد، وانطلاقاً من أن الأطفال هم نجاح وقوة وتعافي وسلامة المجتمع ومستقبله البشري، كما كان العمل دائما مع تلك الشريحة على أكثر من اتجاه ومسار.
وباعتبار صحة أطفال سورية هي تحدٍ كبير تواجهه البلاد، يسعى البرنامج لسد أحد الفجوات من خلال ضمان حصول كل مولود جديد في سورية على فرصة إجراء المسح السمعي ثم التشخيص والتدخل الطبي عند الحاجة، للحد من أثار نقص السمع المحتمل وجوده لدى جزء من حديثي الولادة، لأن الكشف المبكر لدى هؤلاء الأطفال وتشخيص نقص السمع والتدخل العلاجي المناسب سينهي مشكلتهم بشكل مؤكد وخلال فترة قصيرة، مما يمنح كافة الأطفال في سورية الفرص المتساوية مستقبلاً للنمو السليم والانطلاق في حياتهم وتشكُّل شخصيتهم الطبيعية دون عوائق ومشاكل في السمع والنطق والتعبير، حيث أن التطور اللغوي والمعرفي الطبيعي للطفل منوط بامتلاكه سمع طبيعي، وحرص القائمون على البرنامج على دمج المعايير الدولية واعتماد “أفضل الممارسات” للبرامج الأخرى المعترف بها والناجحة عالميا في مجال الكشف والتدخل المبكر لنقص السمع.
وأكدت الدكتورة “رزان الطرابيشي” مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة لـ “داما بوست” أن البرنامج يستهدف في الفترة الحالية الأطفال حديثي الولادة، الهدف أن يتم إجراء المسح السمعي لجميع حديثي الولادة حتى قبل عمر شهر، وإجراء الاستقصاء في عمر ثلاثة أشهر، وإجراء التدخل في عمر الستة أشهر، بدأنا بعدد قليل من الأطفال والهدف هو الوصول لجميع المواليد عن طريق المراكز الصحية من خلال برنامج اللقاح الوطني، وتحويل الأطفال من عيادة اللقاح (الزيارة الأولى) إلى عيادة إجراء الاختبار.
وأشارت “الطرابيشي” إلى أن هذا البرنامج لا يختص بوزارة الصحة، لكنها تديره لأنها الجهة الصحية المسؤولة عن الموضوع، لدينا شركاء وهم وزارة التعليم العالي، وزارة الدفاع، وزارة الداخلية، منظمة آمال، ومنظمة الهلال الأحمر، ويوجد 46 مركز مسح واستقصاء موزعين على كافة أراضي البلاد، والمراكز مؤهلة لاستقبال حوالي 500 ألف طفل بشكل مبدئي لإجراء المسح، قابلة للزيادة ويوجد خطط للتوسع.
ويعرَف ضعف السمع أنه نقص في الحساسية السمعية والتي تتداخل مع القدرة على تمييز الكلام والأصوات، ويقسم نقص السمع إلى درجات تتراوح من نقص سمع بسيط جدا إلى نقص سمع عميق، وقد يصيب أذن واحدة أو الأذنين وقد يكون في أذن أكثر من الأخرى، حيث أن /30/ من بين كل ألف طفل يولدون ولديهم مشكلة في السمع، وبحسب منظمة الصحة العالمية، يعاني حاليا ما يقارب 466 مليون شخص من فقدان السمع وبحلول عام 2050، سيكون هذا الرقم أكثر من 900 مليون، بالتالي ضعف التكلفة التي يتحملها المجتمع، وضعف الخسائر بالأرواح المنتجة والآمال والأحلام غير المحققة، كما تقدر “منظمة الصحة العالمية” أن نقص السمع غير المعالج قد يشكل تكلفة سنوية عالمية تبلغ ٩٨٠ مليار دولار، وهذا يشمل تكاليف القطاع الصحي وتكاليف التعليم، وفقدان الإنتاجية والتكاليف المجتمعي.
وقامت اللجنة الوطنية لنقص السمع بتجهيز مراكز تقديم خدمات المسح والتشخيص السمعي وتدريب الكوادر في هذه المراكز، واعتماد برنامج لتأهيل معمق للأطباء على زراعة الحلزون، بالإضافة إلى اعتماد مراكز لتقديم خدمة تأهيل الكلام واللغة، حيث يستهدف المسح والتشخيص كافة حديثي الولادة في سورية والتدخل لاحقا عند الحاجة للأطفال الذي يتبين أن لديهم نقص سمع، وتقدم الخدمات لحديثي الولادة بشكل مجاني وفي مراكز تغطي كافة المحافظات السورية.
ويتم تحويل الأطفال الذين يتبين أنهم بحاجة لتركيب أجهزة سمعية إلى مرحلة التدخل وإما يتم تزويدهم بسماعات أو الحلزون وفقاً لحالتهم، ويتم إجراء العملية على يد أطباء مختصين ومدربين خصيصاً لهذه الغاية، وكافة الأطفال الذين يتم تزويدهم بالأجهزة السمعية (سماعات/حلزون) يتم متابعتهم من قبل البرنامج وتقديم خدمة تأهيل اللغة والكلام لهم عبر المراكز المعتمدة في البرنامج والتي تشرف عليها المنظمة السورية للأشخاص ذوي الإعاقة “آمال”، بهدف إعادة بناء قدرات الأطفال ومساعدتهم لاكتساب مهارات سمعية ولغوية وتعبيرية مناسبة لعمرهم بما يعزز استخدامهم للتواصل اللفظي كوسيلة تواصل أساسية.
وفي سياق التحضيرات للبرنامج، أقامت وزارة الصحة ورشة إعلامية تعريفية بالبرنامج، انطلقت في مبنى الوزارة بدمشق صباح الأحد وستستمر حتى الاثنين، بحضور عدد من الإعلاميين والأطباء المسؤولين عن البرنامج.