دعا “المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي” في المغرب إلى “إلغاء تجريم التسول”، بسبب الصعوبة في تحديد دافع الحاجة، ولأن الجرائم الفردية أو الجماعية المرتبطة بهذه الممارسة معاقب عليها في العديد من أحكام القانون الجنائي.
وقال المجلس إن هذه الفصول “تُجرم التسوّل بناء على أسبابه وليس آثاره، كما يمكن أن يؤدي إنفاذ هذا الفصل إلى الوصم والتمييز ضد جميع المتسولين، كجناة مفترضين يمكن توقيفهم، في انتظار إجراء بحث قضائي يحدد ما إن كانت لديهم وسائل العيش أم لا”.
وقدّم المجلس مجموعة من التوصيات أبرزها تشديد العقوبات على الشبكات التي تستغل الأطفال والنساء والأشخاص ذوي إعاقة، وكذا ممارسو “التسول المهني”، أي الذين يهدفون من وراء هذه الممارسة إلى الربح، وليس إلى سد حاجياتهم.
وينص الفصل 326 من القانون الجنائي المغربي على أنه “يُعاقب بالحبس من شهر واحد إلى ستة أشهر من كانت لديه وسائل التعيُّش، أو كان بوسعه الحصول عليها بالعمل أو بأية وسيلة مشروعة، ولكنه تعوّد ممارسة التسول في أي مكان كان”.
وبلغ عدد الموقوفين من قبَل مصالح الشرطة المغربية في إطار محاربة التسول 44 ألفاً و260 شخصاً في سنة 2022، مقابل 28 ألفاً و597 شخصا في سنة 2021، و12 ألفا و590 شخصا في سنة 2020، حسب المعطيات الصادرة عن رئاسة النيابة العامة.
بدورها، رفضت رئيسة جمعية “جود” لمساعدة الأشخاص من دون مأوى، هند العيدي، دعوة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى “إلغاء تجريم التسول” بالمملكة.
وأشارت العيدي إلى أن جمعيتها التي تشتغل ميدانياً لمساعدة الأشخاص دون مأوى، وتقديم المساعدات، وأيضاً بحث فرص الاندماج في المجتمع من خلال إيجاد مناصب شغل تتناسب مع مهارات المتشرد، لاحظت أن الأشخاص الذي يمتهنون التسول يرفضون العمل، لأن هذه الظاهرة المخيفة تحوّلت إلى “مهنة حقيقية” تدرّ مداخيل كبيرة جداً.
وأضافت: “منذ سنوات طويلة وأنا أشتغل في الميدان، لم أتمكن من إقناع أي أحد بالابتعاد عن التسول والاندماج في عمل توفره جمعية جود”، متابعة: “الخلاصات التي توصلت إليها هي أن هذه الفئة تدرّ أرباحًا يصعب تخيّلها في اليوم الواحد، وبالتالي الوظيفة بالنسبة لهم لا تساوي أي شيء، ما يعني أن التسوّل في هذه الحالة لا يتمّ بدافع الحاجة وإنما لجني المال”.
وأكدت العيدي أن دعوة المجلس إلى إلغاء تجريم التسول سيُفاقم الظاهرة بشكل مخيف، كما أن لا أحد سيرغب في العمل بأجر محدّد، عكس مهنة التسوّل التي لها وقت قصير وربح خرافي.
وأشارت إلى أن بعض الأرقام تكشف عن وجود 200 ألف متسول، غير أن الواقع يبين وُجود أكثر من مليون متسوّل في المغرب، يتم من خلالها استغلال الأطفال بشكل مخيف، داعية إلى تطبيق عقوبات زجرية في حق الآباء الذين يسمحون لأبنائهم بعدم الذهاب إلى فصول الدراسة، والتشهير بهم (الآباء) لمحاصرة ظاهرة التسول.
من جهته، اعتبر الحقوقي عبد السلام الفتوحي، أن محاربة ظاهرة التسول في المغرب يجب أن تتم من مدخل تعزيز قدرة الأُسر المحتاجة على مواجهة شظف العيش. مضيفاً أن إلغاء التجريم ليس هو السلاح الفعّال للقضاء على التسول، بل يجب محاربة الظاهرة من خلال القضاء على الفقر والفوارق الاجتماعية والمجالية بالبلاد.
وتابع: “إذا اشتغلنا وفق هذه المقاربة لن يكون هناك أي مبرر لخروج الناس إلى التسول، وذلك في ظل تحسين ولوج الفئات الهشة إلى الخدمات الصحية والشغل والتعليم وغيرها، كما أن الأشخاص الذين يمتهنون التسول سيضطرون إلى تغيير نشاطهم”.