جدل في حلب حول “الشؤون السياسية”.. تساؤلات عن الصلاحيات

أثار اجتماع عقدته مديرية الشؤون السياسية في حلب يوم أمس، موجة من التساؤلات والجدل بين متابعي صفحات المحافظة، بعد أن جمعت جلسة تعارف نظمتها المديرية كلاً من مدير الإدارة المحلية والبيئة في حلب أحمد كردي وعدداً ممن وصفتهم المديرية بـ“ممثلي شرائح المجتمع”، وذلك بهدف “تعزيز التواصل والتعريف بمهام الإدارة المحلية ودورها في تطوير الخدمات وتحسين استجابة المؤسسات لاحتياجات المواطن”، وفق ما جاء في البيان الرسمي.

غير أن هذا اللقاء الذي بدا في ظاهره لقاءً تعريفياً، فتح باب النقاش واسعاً حول طبيعة مهام مديرية “الشؤون السياسية” من جهة، والمعايير التي تعتمدها في اختيار المشاركين تحت مسمّى “ممثلي شرائح المجتمع” من جهة أخرى.

في التعليقات التي أعقبت نشر الخبر، عبّر عدد من المتابعين عن استغرابهم من وجود مديرية بهذا الاسم ضمن هيكلية الإدارة العامة، متسائلين عن تبعيتها القانونية ومهامها الفعلية.
أحد المعلقين ويدعى فادي كتب متسائلاً: “هل لدينا وزارة شؤون سياسية لتكون لها مديريات في المحافظات؟”، مضيفاً أن أحداً لم يدعُ شريحته الاجتماعية للمشاركة في الاجتماع، كما لم يسمع أن أحداً من “إخوته في الوطن” تلقى دعوة مماثلة، ليتساءل ما إذا كان المجتمع الحلبي ممثلاً في الاجتماع فعلاً، أم أن الحاضرين ينتمون إلى دائرة محددة فقط.

معلق آخر يدعى حازم وجّه سؤالاً مشابهاً حول طبيعة المديرية نفسها، قائلاً: “ما هي الشؤون السياسية؟ ما شرعيتها ومدى قانونيتها؟ هل هي هيئة رسمية أم كيان سياسي أم ماذا؟”، بينما أشار عمر إلى تكرار الوجوه ذاتها في اللقاءات الرسمية، مطالباً بأن تشمل الدعوات فئات أوسع من المجتمع تضم الأطباء والمهندسين والحقوقيين والتجار والصناعيين وسائر المهن.

أما أحمد فركّز في تعليقه على آلية اختيار المشاركين، متسائلاً عن الجهة التي تحدد من يمثل “شرائح المجتمع”، وما إذا كانت الدعوات تُبنى على معايير مهنية أم على أساس الولاءات والمحسوبيات، مشيراً إلى أن مثل هذه اللقاءات تُعلن عادة بعد انتهائها، من دون أي مشاركة حقيقية من المواطنين أو مؤسساتهم المدنية.

هذه الانتقادات ليست جديدة، إذ سبق أن طُرحت تساؤلات مشابهة خلال مناسبات أخرى تم فيها اختيار “ممثلي المجتمع” من دون آلية واضحة أو استشارة للرأي العام، بما في ذلك اختيار “الهيئات الناخبة” التي قامت بتسمية أعضاء مجلس الشعب، وهو ما أثار في حينه اعتراضات مشابهة حول غياب الشفافية واحتكار التمثيل.

ما هي مديرية الشؤون السياسية؟
تعود جذور هذه المديرية إلى قرار صدر في آذار/مارس الماضي عن وزارة الخارجية، نصّ على استحداث قسم جديد تحت مسمّى “الأمانة العامة للشؤون السياسية”، تتولى الإشراف على النشاطات والفعاليات ذات الطابع السياسي داخل سوريا وتنظيمها وفق الأنظمة المعمول بها، إضافة إلى المساهمة في صياغة السياسات العامة ذات الصلة.

وبحسب القرار ذاته، أوكلت للأمانة مهمة إعادة توظيف أصول حزب البعث وأحزاب الجبهة الوطنية التقدمية والمنظمات التابعة لها، كما منحت موازنة مستقلة ضمن موازنة وزارة الخارجية.
لكن رغم مرور أشهر على إنشائها، ما تزال صلاحيات الأمانة ومديرياتها في المحافظات غير واضحة، خصوصاً مع توسع دورها في ملفات تتجاوز الطابع السياسي المباشر، مثل الإشراف على بعض فعاليات انتخابات مجلس الشعب أو المشاركة في قرارات تخص مؤسسات ثقافية كـ“اتحاد الكتّاب العرب”.

ويشير متابعون إلى أن طريقة إدارة الاجتماعات الرسمية التي تتولاها المديرية لا تخضع لأي آلية واضحة، سواء في اختيار المدعوين أو تحديد معايير التمثيل. فبدلاً من دعوة ممثلي النقابات المهنية أو لجان الأحياء أو المنظمات المحلية، يجري انتقاء الأسماء غالباً ضمن نطاق ضيق من الأشخاص المقربين أو الموثوقين، ما يثير استياءً شعبياً متزايداً حول جدوى مثل هذه اللقاءات.

في ظل هذا الغموض، تبقى الأسئلة قائمة في حلب وغيرها من المحافظات:
ما الدور الحقيقي لمديريات “الشؤون السياسية”؟
ومن يقرر من يمثل المجتمع في اجتماعاتها؟
أسئلة لم تجب عليها الجهات الرسمية حتى الآن، لكنها تعكس تزايد القلق الشعبي من تكرار مشهد “التمثيل الانتقائي” في الحياة العامة السورية.

اقرأ أيضاً:تحولات اقتصادية تعيد رسم الخريطة السورية.. دمشق تتصدر المشهد على حساب حلب

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.