هل انقلب أحمد الشرع على رفاق دربه؟ حملة أمنية تعيد فتح ملف المقاتلين الأجانب في إدلب

داما بوست -يوسف المصري

تشهد محافظة إدلب توتراً أمنياً متصاعداً بعد حملة نفذتها قوات الحكومة الانتقالية السورية بقيادة الرئيس أحمد الشرع، استهدفت خلالها “كتيبة الغرباء”، التي تضم مقاتلين أجانب من حملة الجنسية الفرنسية، بقيادة الجهادي المعروف “عمر أومسين”، أو “عمر ديابي”، إلى جانب آخرين من أصول مغربية، جزائرية، تونسية، إفريقية وبلجيكية.

إقرأ أيضاً: اشتباكات بين قوات دمشق ومقاتلين فرنسيين هل انقلب الشرع على رفاق دربه؟

الاعتقالات تتسارع… هل بدأ تفكيك “خط الجبهة” الجهادي؟

تأتي العملية الأخيرة بعد اعتقال كل من “أبو دجانة التركستاني” و”أبو إسلام الأوزبكي” قبل أكثر من شهرين، وهما من أبرز القيادات الجهادية الأجنبية التي ظهرت على الساحة السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد.

ويرى مراقبون أن هذه التحركات تمثّل مرحلة جديدة في سياسة الحكومة الانتقالية للتضييق على نفوذ المقاتلين الأجانب داخل إدلب، وخاصة أولئك الذين لا يزالون يمتلكون شبكات تمويل واتصالات خارجية، ولا يخضعون بشكل مباشر لسلطة القيادة المركزية في وزارة الدفاع أو الأمن العام.

إدلب تتحول إلى “معتقل مفتوح” للمهاجرين:

تشير مصادر محلية إلى أن القوات الحكومية التي تشكل “هيئة تحرير الشام” عمودها الفقري تعمل منذ أشهر على تقليص وجود المقاتلين الأجانب في صفوفها، ضمن خطة تُوصف بأنها “حملة تطهير أمني ناعمة”، تبدأ بالتحييد ثم الاعتقال، وقد تصل إلى الترحيل القسري أو التصفية.

وقال مصدر محلي مطّلع من إدلب لشبكة “داما بوست”: “الهيئة تعمل منذ فترة على التخلص التدريجي من المقاتلين الأجانب، خصوصاً الذين يمتلكون علاقات وشبكات دعم خارجية لا تخضع لسلطة القيادة المركزية”.

تعهدات للغرب… وتسليم على مراحل:

بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد تعهّد الرئيس الانتقالي أحمد الشرع خلال مفاوضاته مع باريس بإنهاء وجود الجهاديين الفرنسيين في سوريا، وتسليم المطلوبين منهم إلى فرنسا على مراحل، في خطوة تهدف إلى كسب الشرعية الدولية والدعم السياسي في المرحلة الانتقالية.

وأكدت المصادر أن الشرع قدّم تعهدًا مشابهًا إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى موسكو، مفاده أن الحكومة السورية ستُسلّم تدريجيًا المقاتلين الروس والشيشانيين الموجودين في إدلب، لكن وفق جدول زمني حذر لتجنّب ردود فعل من فصائل “المهاجرين” التي ما زالت تملك قدرًا من التنظيم والقدرة القتالية.

من حلفاء الأمس إلى أعداء اليوم:

هذه التطورات تعيد طرح سؤال كبير في الشارع السوري: هل انقلب الشرع على رفاق دربه؟

فالمقاتلون الأجانب الذين يخضعون اليوم للاعتقال والملاحقة، كانوا بالأمس القريب جزءًا أساسياً من الخطوط القتالية الأولى التي استخدمها الشرع – “أبو محمد الجولاني” – في حروبه داخل إدلب، سواء ضد فصائل الجيش السوري الحر، أو في معاركه مع تنظيم داعش، أو حتى في مواجهته مع الجماعات الجهادية التي رفضت انشقاقه عن تنظيم القاعدة.

ويقول محللون إن هؤلاء المقاتلين “استخدموا كوقود مؤقت” ضمن استراتيجية الجولاني لتثبيت حكمه في إدلب، لكنهم اليوم باتوا “عبئاً سياسياً وأمنياً”، خصوصاً في ظل الضغوط الدولية التي تتطلب تفكيك البيئة الجهادية في شمال سوريا، وفرض نموذج حكم أكثر قبولًا غربياً.

تفكيك الجهاد العالمي في إدلب؟

تعتبر إدلب اليوم أكبر معقل متبقٍ للجهاديين الأجانب في سوريا، وتُظهر العمليات الأخيرة أن الحكومة الانتقالية تتجه نحو إنهاء هذا الملف تدريجياً، سواء من خلال الاعتقال أو الترحيل، في وقت تسعى فيه دمشق الجديدة إلى تقديم أوراق اعتمادها الإقليمية والدولية على أنها شريك موثوق في “الحرب على الإرهاب”، ولو جاء ذلك على حساب حلفاء الأمس.

إقرأ أيضاً: اعتقال أبو دجانة وأبو إسلام يكشف تصاعد التضييق على المقاتلين الأجانب في إدلب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.