رجل يُشعل الجدل في دمشق: “ما نراه اليوم لا يُبشّر بالخير”

تحولات اجتماعية تقلق سكان دمشق:

أثار مقطع فيديو لرجل مسن من دمشق، تداوله الناشطون على نطاق واسع، ردود فعل متباينة بعد حديثه بحرقة عن التغيرات الاجتماعية والسلوكية التي طرأت على المدينة. وقال الرجل في الفيديو: “أريد أن أتكلم، ولو أرادوا قطع رقبتي… ساحة المرجة أصبحت مرعبة، كانت ملتقى للعائلات وأصبحت مرتعًا لأصحاب الدراجات النارية، ولم نعد نرى فيها ما يبعث على الأمل”.

وأعرب عن قلقه من ممارسات ومظاهر جديدة وصفها بأنها “غريبة عن المجتمع الدمشقي”، مشيراً إلى أن “حي المالكي بات مخيفاً”، وأن المجتمع السوري الذي كان يجمع بين المسلمين والمسيحيين واليهود والأرمن في تسامح، أصبح مهدداً بفقدان هذا التنوع.

“سيارات الدعوة” تُثير المخاوف من فرض نمط اجتماعي جديد:

تشهد العاصمة السورية دمشق موجة جدل متصاعدة بعد انتشار ظاهرة ما يُعرف بـ”سيارات الدعوة”، التي يجوب أصحابها الأحياء السكنية وهم يرتدون الجلباب، بشعر طويل ولحى كثيفة، ويقومون بدعوة الناس إلى “الهداية”، بحسب ما وثقته مقاطع مصوّرة على منصات التواصل الاجتماعي.

منذ تولّي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع السلطة بعد سقوط نظام بشار الأسد، ظهرت جماعات تُعرف بانتمائها لفصائل دينية، ويرتدي عناصرها ملابس غير معتادة، مثل الجلابيب، مع لحى طويلة وشعور غير مشذبة، ما أثار قلق الأهالي الذين وصفوا تلك المظاهر بأنها “بعيدة عن الطابع الدمشقي المعروف”.

دعوات لضبط الظواهر الدينية المسلحة في الأحياء المدنية:

يشير مراقبون إلى أن هذه الظواهر لم تتوقف عند الدعوة الدينية فقط، بل تمتد إلى ما يُعرف بـ”الأمن العام” و”الجيش السوري الجديد”، الذي يتكوّن من فصائل إسلامية متعددة، يتجول أفرادها بملابس ميدانية ولحى طويلة، ما أدى إلى تزايد الدعوات من الأهالي لحصر هذه المظاهر في المناطق العسكرية فقط.

وطالب مواطنون مراراً عبر منصات التواصل بعدم السماح لتلك الجماعات بالتجول داخل المناطق السكنية، خاصة مع ارتدائهم أحياناً أقنعة ولثامًا، ما يزيد من حالة القلق والخوف بين المدنيين.

تكفير وانتقادات حادة بعد تصريحات الرجل المسن:

تصريحات الرجل الدمشقي أثارت حفيظة بعض الدعاة، حيث سارع أحدهم إلى إصدار فتوى صريحة بتكفيره، مدعياً أن اللحية “فرض وليست سنة”، وأن من ينكرها “كافر مرتد خارج عن الملة”. كما انتقد الداعية بشدة الحديث عن دمشق كمدينة لأبنائها الأصليين، قائلاً: “عليكم أن تنسوا عبارات مثل ‘الشام للشوام’… سوريا أرض الله لجميع المسلمين”.

ووصل الأمر إلى رفض صريح لحرية التعبير، حيث قال الداعية في ختام كلامه: “ليس لك حق الكلام، وإن لم يُعجبك ما ترى، فَاصرف وجهك”.

انقسام شعبي واسع بين الدفاع عن الهوية والاتهام بالعنصرية:

ردود الفعل على الفيديو كانت متباينة؛ فبينما رأى البعض أن الرجل عبّر بصدق عن خشية شعبية من ضياع الهوية السورية وتحول المجتمع إلى نمط غريب لا يمثل تاريخه، اعتبر آخرون أن كلماته تنطوي على “نبرة مناطقية أو عنصرية”.

في المقابل، حذّر مراقبون من استغلال التحولات الاجتماعية لفرض أيديولوجيا دينية جديدة بالقوة، خاصة في مرحلة انتقالية حساسة تمر بها البلاد، تستدعي الحفاظ على التعدد والتعايش الذي طالما تميزت به سوريا.

إقرأ أيضاً: دمشق بعد السقوط: فوضى ثقافية واجتماعية تُهدد العاصمة

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.