إدلب: اشتباكات وبيانات غاضبة بعد تحرك حكومي ضد “كتيبة الغرباء” الفرنسية
تشهد مدينة حارم في ريف إدلب الشمالي الغربي توتراً أمنياً متصاعداً بعد وصول تعزيزات عسكرية ضخمة تابعة لـ”الأمن العام” ووزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية، إلى أطراف ما يُعرف باسم “مخيم الفرنسيين”، والذي يضم عشرات المسلحين الأجانب، معظمهم من الجنسية الفرنسية، ويتزعمهم الجهادي الفرنسي من أصل سنغالي عمر أومسين، قائد ما يُعرف بـ”كتيبة الغرباء”.
قوات الأمن تحاصر المخيم:
بحسب مصادر محلية، توجّهت القوات الحكومية إلى محيط المخيم تمهيداً لشن عملية أمنية تهدف إلى اعتقال أومسين وعدد من قادة الكتيبة، وسط تهديدات صريحة لسكان المخيم بضرورة الاستسلام لتجنب المواجهات.
ويأتي هذا التحرك بعد توترات أمنية واتهامات خطيرة لأفراد الكتيبة، تضمنت قضية خطف طفلة وابتزاز ذويها مالياً، إضافة إلى معلومات تؤكد فرض سلطات ذاتية داخل المخيم، وفق تعبير أحد المسؤولين الأمنيين.
اشتباكات ليلية قرب حارم بين الأمن وعناصر أومسين:
في وقت متأخر من الليل، اندلعت اشتباكات عنيفة قرب المدخل الرئيسي للمخيم بين قوى الأمن الداخلي ومسلحين تابعين لأومسين، بعد إطلاق عملية اقتحام محدودة تهدف إلى شلّ حركة الكتيبة والقبض على قائدها.
وأكد مصدر حكومي لـ”الترا سوريا” أن العملية نُفذت بعد تسريب تسجيل صوتي لأومسين يُفاوض فيه والدة طفلة مخطوفة على المال، واصفاً إياها بـ”الشيعية الكافرة”، في ابتزاز وصفه المسؤولون بأنه انتهاك صارخ للقانون.
كما ظهر أومسين في مقطع آخر وهو يحكم بجلد امرأة 40 جلدة أمام زوجها، ما أثار موجة غضب داخل إدلب واتهامات بقيامه بـفرض نظام عقوبات خارج سلطة الدولة.
بيان من المقاتلين المحليين رفضاً للعملية ضد “كتيبة الغرباء”:
رداً على التحرك الأمني، أصدرت مجموعة من المقاتلين في إدلب بياناً موجهاً إلى رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، حمل عنوان: “نصرة لكتيبة الغرباء الفرنسيين في مواجهة الحملة الأمنية”.
وجاء في البيان رفض صريح لأي محاولة اعتقال للمقاتلين الفرنسيين، محذرين من أن ذلك “قد يُشعل غضباً شعبياً وجهادياً”، ومطالبين الحكومة بوقف جميع الإجراءات الأمنية ضد “فرقة الغرباء” وعدم التعرض لأفرادها.
الكتيبة الفرنسية تتهم الحكومة الانتقالية بالتنسيق مع فرنسا وأمريكا:
من جهتها، أصدرت “جماعة المهاجرين الفرنسيين في حارم” (كتيبة الغرباء) بياناً اتهمت فيه الحكومة الانتقالية بتنفيذ خطة دولية لإبادة المهاجرين الأجانب، وبالتعاون مع كل من فرنسا، الولايات المتحدة، والتحالف الدولي، وذكرت أن البداية تتم بـ”استهداف الفرنسيين”.
مصادر: الحكومة وعدت باريس بتسليم الجهاديين الفرنسيين:
في تطور خطير، أفادت مصادر مطلعة لـ”المرصد السوري لحقوق الإنسان” أن الرئيس الانتقالي أحمد الشرع تعهّد للحكومة الفرنسية بـ”إنهاء وجود الجهاديين الفرنسيين في سوريا”، وتسليم المطلوبين منهم على مراحل.
كما أكدت المصادر أن الشرع وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتسليم المقاتلين الروس والشيشانيين المتواجدين في إدلب أيضاً، ولكن بشكل تدريجي لتفادي أي انتفاضة من قبل المهاجرين داخل الأراضي السورية.
حملة أمنية موسعة ضد المهاجرين الأجانب في إدلب:
إلى جانب العملية في حارم، بدأت قوى الأمن الداخلي بحملة تفتيش شاملة تستهدف المواقع التي يعيش فيها المهاجرون الأجانب في مناطق متفرقة من محافظة إدلب، وسط توقعات بمزيد من المواجهات في الأيام المقبلة.
من هو “عمر أومسين“:
عمر أومسين (45 عاماً) يحمل الجنسية الفرنسية ومن أصول سنغالية، انتقل إلى سوريا في أواخر عام 2012، حيث استقر في جبال اللاذقية وترأس كتيبة “جهادية” تضم في معظمها شبّاناً فرنسيين وأفارقة، كان يُعتبر “زعيماً روحياً” لهم.
عمل “أومسين” في صفوف “هيئة تحرير الشام” قبل أن يعلن استقلال كتيبته تحت اسم “كتيبة الغرباء”، التي شاركت في معارك ضد قوات الجيش السوري السابق، شمالي اللاذقية، قبل أنباء انضمامه لاحقاً إلى تنظيم “حرّاس الدين”، الذي فكّكته “الهيئة” تماماً.
في أيلول 2016، صنّفت الخارجية الأميركية “أومسين” كـ”إرهابي عالمي”، واتهمته السلطات الفرنسية بتجنيد 80% من الجهاديين الناطقين بالفرنسية الذين ذهبوا إلى سوريا والعراق.
تصاعد التضييق على المقاتلين الأجانب في إدلب:
وفق مصادر ميدانية ومقاتلين أجانب، اعتقلت الحكومة السورية الانتقالية كل من “أبو دجانة التركستاني” و”أبو إسلام الأوزبكي” منذ أكثر من شهرين، وهما من أبرز الشخصيات الجهادية الأجنبية في سوريا والتي ظهرت على الساحة بعد سقوط نظام بشار الأسد.
ويرى محللون أن الاعتقالات الأخيرة تأتي ضمن نهج تقليص نفوذ المقاتلين الأجانب داخل وزارة الدفاع في الحكومة الانتقالية.
وفي وقت سابق من الشهر الحالي، قال مصدر محلي مطّلع من إدلب (رفض الكشف عن اسمه لأسباب أمنية) لشبكة “داما بوست”: “الهيئة تعمل منذ فترة على التخلص التدريجي من المقاتلين الأجانب، خصوصاً الذين يمتلكون علاقات وشبكات دعم خارجية لا تخضع لسلطة القيادة المركزية.”
ويرى مراقبون أن ما يحدث هو جزء من حملة تضييق أمني موسعة ضد المقاتلين الأجانب، وخاصة أولئك الذين انضموا سابقاً لفصائل جهادية ثم التحقوا بـ هيئة تحرير الشام. وتُعتبر محافظة إدلب اليوم أكبر معتقل لهؤلاء.
إقرأ أيضاً: اعتقال أبو دجانة وأبو إسلام يكشف تصاعد التضييق على المقاتلين الأجانب في إدلب