القنيطرة تفقد “رئتها الخضراء” تحت جرافات الاحتلال.. هل يتحول مصيرها إلى “جولان 2؟

تتزايد مخاوف أهالي القنيطرة، وخاصة سكان القرى المحيطة ببلدة جباتا الخشب، من تكرار مصير الجولان المحتل، في ظل ما يصفونه باستمرار عمليات التجريف، وهدم المنازل، والتهجير القسري من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

شهادات الأهالي ومخاوفهم من التهجير

أشار المزارع عمار أبو إبراهيم، من بلدة جباتا الخشب، في حديثه لموقع “تلفزيون سوريا“، إلى خشيته من تحول القنيطرة إلى “جولانًا محتلاً جديدًا” بسبب ما أسماه مواصلة الاحتلال الإسرائيلي لطرد السكان من أراضيهم.

وذكر أنه خسر أرضه ومنزله بعد أن أصدر الجيش الإسرائيلي أوامر إخلاء لأهالي القطاع الشمالي في جباتا الخشب تمهيدًا لهدم المنازل في حزيران الماضي، مما اضطره للنزوح إلى القطاع الجنوبي.

ويخشى عمار، من عمليات هدم جديدة تتزامن مع تجريف أكثر من 200 دونم قرب البرج الزراعي الذي تتخذه قوات الاحتلال مرصدًا في القطاع الجنوبي من القرية، بالإضافة إلى إزالة الغطاء النباتي في الأحراش.

كما يرى أن سياسة إسرائيل تبدأ بالتجريف ولا تنتهي إلا بالسيطرة على المنطقة وطرد السكان، وأن تجريف الأحراش يهدف إلى “كي لا يبقى لدينا شيء في محاولة لتهجيرنا” كما حصل في الجولان المحتل.

أما أسامة العوض، من جباتا الخشب، فتساءل في حديثه للموقع نفسه عما إذا كان السكان سيواجهون “خيارين: إما الموت أو الرحيل؟” مضيفًا أن “التوغل اليومي وتوجيه العبارات العنصرية للسكان، إضافةً للاعتقالات وحرمان الناس من مصادر رزقهم، كلها عوامل تسبق التهجير القسري”.

ويعيش أسامة في المنطقة المحاذية لأحراش جباتا الخشب ويتخوف من إنذارات الإخلاء، مؤكدًا على قرار الأهالي عدم الإذعان لأوامر الاحتلال، حيث يتابع: “لا مكان لنذهب إليه، إذا أرادوا هدم المنزل، لن نغادر، فليهدموه فوق رؤوسنا”.

الخسائر البيئية والزراعية في القنيطرة

لفت أحمد ديب، مدير الزراعة السابق في القنيطرة، إلى أن المساحات التي جرفتها ولا تزال تجرفها قوات الاحتلال الإسرائيلي تشكل “رئة” محافظة القنيطرة والجنوب السوري بسبب كثافة غطائها النباتي.

وبحسب ديب، فإن أعمال التجريف الأخيرة في محمية جباتا الخشب، التي تبلغ مساحتها 1330 دونمًا، طالت ما يقارب 210 دونمات من الأشجار المعمرة في موقع “جورة الخوخ” قرب برج الزراعة.

وكشف أنه خلال شهر حزيران الماضي جُرفت نحو 1000 دونم من المحمية، التي تعد نموذجية وتحتوي على الصنوبر المثمر والسنديان الطبيعي المعمر.

ومنذ سيطرتها على القنيطرة، جرفت قوات الاحتلال الإسرائيلي 1860 دونمًا من أحراج الصنوبر في بلدة كودنه، و50 دونمًا من أشجار الكينا والسرو على الطريق الواصل بين مدينة السلام والقنيطرة في حزيران، وفقًا لديب.

كما حذر من أن قطع الأشجار والقضاء على الغطاء النباتي قد يتسبب في تغير مناخي في المحافظة، مثل ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض خصوبة التربة، والتصحر، مما يؤثر سلبًا على الزراعة التي يعتمد عليها الأهالي بشكل أساسي في مصدر رزقهم، مما يفاقم مشكلات الفقر والهجرة.

دوافع التهجير ومخاوف الاستيطان

تزايدت مخاوف سكان جباتا الخشب من التهجير القسري بسبب موقعها على تماس مباشر مع الشريط الحدودي بين سوريا وإسرائيل، خاصة مع محاولات مستوطنين إسرائيليين الترويج لفكرة بناء مستوطنات في الجنوب السوري.

ويشير استطلاع أجراه موقع تلفزيون سوريا إلى أن عوامل مثل خنق المحافظة، وإزالة غطائها النباتي، وحرمان السكان من الزراعة، وهدم المنازل، كلها تنذر بإخلاء المنطقة الغنية بالموارد والقريبة من مناطق سيطرة الاحتلال.

قضم الجغرافيا وتغيير الديموغرافيا

أوضح الخبير في الشأن الإسرائيلي، الدكتور سمير أبو صالح، لموقع تلفزيون سوريا، أن سياسة إسرائيل تقوم منذ عام 1948 على مبدأ “قضم الجغرافيا والتوسع وتغيير الديموغرافيا” في المناطق التي تحتلها، من خلال طرد السكان تحت ذرائع أمنية.

ويرى أبو صالح، أن ما يحدث في القنيطرة يشبه نهج إسرائيل القديم في الجولان خلال عامي 1967 و1974، حيث تسعى للسيطرة على مساحات واسعة من مرتفعات جبل الشيخ وأجزاء من محافظة القنيطرة وشمال غربي درعا، عبر الاحتكاك المباشر مع السكان لإجبارهم على ترك قراهم بذريعة حماية أمنها.

وبيّن أبو صالح، أن تجريف الأراضي يهدف بشكل أساسي إلى:

  • كشف المنطقة وتحويلها إلى فضاء صحراوي يسهل مراقبته عسكريًا.
  • تدمير مصدرَي المعيشة الأساسيين للسكان المحليين: الزراعة وتربية المواشي.
  • تلويث التربة الخصبة وجعلها غير صالحة للإنتاج مجددًا.

وأضاف أبو صالح أن على الحكومة السورية أن تتعامل مع ملف القنيطرة من منطلق سياسي ودبلوماسي لا عسكري، وأن تستخدم أدوات الضغط السياسي والقانوني في المحافل الدولية لحماية حقوقها السيادية، واصفًا تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة بأنه “خطوة أكثر حكمة وواقعية في هذه المرحلة.”

 

اقرأ أيضاً:داما بوست تنشر قائمة بأسماء معتقلين سوريين لدى الاحتلال الإسرائيلي جنوب سوريا

اقرأ أيضاً:هيومن رايتس ووتش: القوات الإسرائيلية ترتكب انتهاكات جسيمة في جنوب سوريا

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.