الأخبار: انفجار التركيبة الأمنية في سوريا: توتّر بين «تحرير الشام» والفصائل

تثير جملة من القضايا الأمنيّة المتلاحقة في سوريا شكوكاً متزايدة حول مدى صلابة «التركيبة الأمنية» التي تحاول السلطات الانتقالية فرضها للسيطرة على البلاد. ففي ظلّ غياب شبه تام لهيكلية مؤسسات الدولة، يبرز مشهد معقّد يجمع بين بنية فصائلية تعتمد على ولاء العناصر لـ “شيخ” الفصيل، وأخرى مركزية تحاول بناء تحالفات إقليمية ودولية، ما يخلق أرضية خصبة لانفجارات وأزمات متوقّعة.

هيكلية الأزمة: من إدلب إلى التناحر المركزي

تُعدّ هذه الهيكلية الجديدة تطويراً لتلك التي شيّدتها «هيئة تحرير الشام» في إدلب، والتي كانت مناسبة لإدارة المحافظة زمن الحرب عبر ضمّ عشرات الفصائل تحت جناحها وضبط الأوضاع الداخلية.

وبحسب تقرير لجريدة الأخبار اللبنانية، فإن الشكوك جدّية اليوم حول إمكانية نجاح هذه التجربة ضمن مساحة سوريا الأوسع، خصوصاً في ظلّ غياب جبهات قتال داخلية رئيسية، وتباين المواقف الدولية والإقليمية (تمسّك واشنطن بالحوار مع الأكراد، و”مظلّة الحماية” الإسرائيلية للدروز في السويداء)، وتمسّك السلطة الانتقالية ببناء نظام مركزي لا يمنح الفصائل الامتيازات وهامش الحركة الذي اعتادت عليه في إدلب.

معضلة الفصائل الأجنبية: “أبو دجانة التركستاني” شرارة أزمة

تبرز معضلة الفصائل الأجنبية التي شكّلت القوة الضاربة لـ «تحرير الشام» سابقاً كأحد أبرز تحديات السلطات الانتقالية. إذ تواجه محاولات دمج هذه الفصائل أو حلّها عقبات عديدة، تبرز في رفض بعض الأوساط لسلوك السلطات تجاه اعتقال أي عنصر أجنبي.

وتفجّرت آخر الأزمات باعتقال المقاتل الإيغوري الشهير «أبو دجانة التركستاني» الذي ينشط على «تيك توك»، ما أثار موجة احتجاج في أوساط «المهاجرين» الإيغور، وخلق فجوة ملحوظة بينهم وبين الفصائل المحلّية (“الأنصار”). وهي فجوة مرشّحة للاتساع إذا ما نجحت مساعي دمج «قسد» في هيكلية وزارة الدفاع، نظراً للعداء التاريخي بين الطرفين.

أزمة دمشق: المسعود و«داعش» و«التحالف»

على تخوم العاصمة دمشق، اندلعت أزمة جديدة السبت الماضي عقب عملية أمنية مشتركة بين «التحالف الدولي» والسلطات الانتقالية في معضمية القلمون. العملية أسفرت عن اعتقال خالد المسعود وشخصين آخرين بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش»، قبل أن يُعلن عن مقتل المسعود بعد يوم واحد من التحقيق، وسط تسريب أنباء عن براءته من التهم. هذا الأمر أشعل احتجاجات بين مقاتلين عشائريين موالين للمسعود (من عشيرة العنزي)، الذين اتّهموا قياديين في «جيش سوريا الحرة» (الذي أنشأته الولايات المتحدة وينشط في التنف وريف دمشق) بكتابة تقارير كيدية أدّت لاعتقاله ومقتله خلال العملية التي تخلّلها إنزال جوّي لـ «التحالف».

شبكة الحرائق المؤجّلة: غياب هيكلية الدولة والهشاشة الأمنية

يعكس المشهد السوري الحالي شبكة متداخلة من البؤر الجاهزة للاشتعال داخل مناطق سيطرة السلطات الانتقالية، سواء في الشمال الغربي حيث تتمركز الفصائل الأجنبية، أو حتى داخل المدن الرئيسة حيث تتقاسم «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى السيطرة وتعمل بشكل منفرد (كما حدث في الاستيلاء على مجمع تجاري في حلب)، أو في المنطقة الوسطى والجنوبية حيث تتداخل القوى العشائرية والفصائلية، و«جيش سوريا الحرة» الذي تقوده أميركا، وليس انتهاءً بأقصى الجنوب السوري الذي تتداخل فيه الحال العشائرية بالفصائلية.

ويعني ذلك فعلياً، غياب أي هيكلية واضحة لمؤسّسات الدولة، ووجود تناحر غير معلن فصائلي – عشائري، إقليمي ودولي، يؤسّس لاستمرار هشاشة التركيبة الأمنية المركزية.

وتختم الجريدة تقريرها بالإشارة إلى أن هذا المشهد يقترب أكثر فأكثر من الحال التي تعيشها طرابلس الليبية، حيث تسيطر «حكومة الوحدة الوطنية»، والتي تعيش منذ تأسيسها واقعاً أمنيّاً مزرياً، وهي النقطة التي حذّر منها المبعوث الأممي السابق إلى سوريا، غير بيدرسن، أخيراً.

 

اقرأ أيضاً:كتيبة الغرباء بقيادة عمر أومسين: ملف الجهاديين الفرنسيين في سوريا يعود إلى الواجهة

اقرأ أيضاً:إدلب: اشتباكات وبيانات غاضبة بعد تحرك حكومي ضد كتيبة الغرباء الفرنسية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.