بداية العام الدراسي في سوريا تكشف عن انقسام سياسي عميق
في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة “سانا” عن توجه أكثر من أربعة ملايين طالب إلى مقاعد الدراسة، فإن بداية العام الدراسي في سوريا لم تكن حدثاً موحداً.
بل عكست الانقسامات السياسية والواقع الميداني المعقد الذي تعيشه البلاد.
ويكشف المشهد التعليمي عن ثلاث حقائق متناقضة: احتفال رسمي، وأزمة نزوح مستمرة، وتأسيس لنظم حكم ذاتي.
السويداء: التعليم ضحية النزاع الأخير
على النقيض من الرواية الرسمية، لم يتمكن معظم الطلاب في محافظة السويداء من العودة إلى مدارسهم.
فبعد العمليات العسكرية التي شهدتها المحافظة قبل نحو شهرين، تحولت المدارس إلى مراكز إيواء للنازحين، ولم يتم إخلاؤها بسبب غياب البدائل.
وفي الريف الغربي والشمالي، باتت المدارس إما مدمرة أو تحولت إلى مقرات عسكرية.
مما حال دون عودة الطلاب، ليصبح التعليم ضحية مباشرة للتوترات الأمنية والسياسية في المنطقة
الشمال الشرقي: نظام تعليمي يعكس الحكم الذاتي
في مناطق شمال شرق سوريا، يقدم المشهد التعليمي دليلاً آخر على غياب السيطرة المركزية.
فقد أعلنت الإدارة الذاتية التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) عن بدء العام الدراسي وفق نظام تعليمي خاص.
هذه المناهج المعدّلة، التي تُدرَّس باللغات الكردية والعربية والسريانية، لا تمثل مجرد تعديل تربوي.
بل هي فعل سياسي يعزز من مفهوم الحكم الذاتي ويدعم الهوية الثقافية للمنطقة، في إشارة واضحة إلى الانفصال عن المنظومة المركزية للدولة
إدلب: مبادرات محلية تملأ الفراغ الحكومي
في محافظة إدلب، حيث تسيطر فصائل المعارضة، برزت مبادرة محلية بعنوان “مدرستي حياتي” كمثال على دور الجهات غير الحكومية في تلبية الاحتياجات الأساسية.
هذه الحملة الشاملة، التي تهدف إلى تهيئة الطلاب نفسياً واجتماعياً، تؤكد أن البنية الإدارية والخدمية للمنطقة باتت تدار بمعزل عن دمشق، وأن الحلول المحلية باتت هي المنقذ الوحيد في ظل غياب أي تدخل من الدولة المركزية.
في الختام، فإن بداية العام الدراسي في سوريا ليست حدثاً تعليمياً تقليدياً، بل هي مرآة تعكس واقع البلاد السياسي المليء بالانقسامات.
حيث تتشابك قضية التعليم مع أزمات النزوح والدمار وصراع السلطات، مما يجعل مستقبل الأجيال القادمة مرتبطاً بشكل وثيق بمسار الصراع السياسي.
إقرأ أيضاً: رويترز: العنف الطائفي يهدد وحدة سوريا رغم المكاسب الدبلوماسية للشرع
إقرأ أيضاً: الديموغرافيا كسلاح: هل يقود نزوح البدو من السويداء إلى إعادة رسم الخريطة السكانية؟