هل ذهب الشرع إلى نيويورك ليتنازل أم ليرفع العقوبات عن سوريا؟

داما بوست -خاص

تأتي زيارة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع، إلى نيويورك في توقيت حساس، يتزامن مع مفاوضات مباشرة بين دمشق و”تل أبيب” برعاية أمريكية، تهدف إلى إبرام اتفاق أمني بين الطرفين، وسط تساؤلات وشكوك حول ثمن هذا الاتفاق وحدوده، وما إذا كان سيُوقّع على حساب السيادة السورية، لا سيما في الجنوب السوري وهضبة الجولان المحتلة.

اتفاق أمني أم تنازلات سياسية؟

بحسب ما تم تداوله في وسائل الإعلام، فإن الاتفاق المحتمل يتضمّن شروطاً صارمة من الجانب الإسرائيلي، من أبرزها:

نزع السلاح من جنوب غرب سوريا.

ضمان أمن الطائفة الدرزية في جبل الدروز.

إبقاء السيطرة الإسرائيلية على الجولان وقمة جبل الشيخ.

وربما امتداد المنطقة العازلة إلى مشارف العاصمة دمشق، من جهتيها الجنوبية والغربية.

تصريحات نتنياهو: ما كنا نحلم به!

في هذا السياق، قال رئيس حكومة الاحتلال “بنيامين نتنياهو” خلال اجتماع حكومي: “ما يتم التفاوض عليه مع سوريا كان ضرباً من الخيال، لولا انتصارنا على حزب الله. لقد ساهمنا في إسقاط نظام الأسد، ونحن الآن نناقش اتفاقاً أمنياً يُكرّس مكاسبنا”.

وأضاف أن “إسرائيل” عززت سيطرتها على الجولان وما وراءها، وتحديداً على قمة جبل الشيخ، في إشارة إلى العمق الاستراتيجي المطلوب تأمينه.

ورغم هذه “المكاسب”، فإن نتنياهو لم يُبدِ ارتياحه الكامل للاتفاق، ما يفسره محللون بأن “نتنياهو” لا يزال يطالب بـ “المزيد من التنازلات”.

الشرع: الاتفاق حتمي.. لكن لا ثقة بـ “إسرائيل”:

من جانبه، قال أحمد الشرع في تصريحات سابقة إن الاتفاق مع “إسرائيل”، “أمر حتمي”، لكنه أقرّ في الوقت نفسه بعدم ثقته بـ “إسرائيل”، وهو ما أثار استغراب المراقبين حول كيفية إبرام اتفاق مع طرف لا تثق به؟.

الوسيط الأمريكي: لا خطوط حمراء لـ “نتنياهو”:

توم باراك، المبعوث الأمريكي إلى سوريا، والوسيط في المفاوضات بين دمشق و”تل أبيب”، صرح بأن: “نتنياهو لا يهتم كثيراً بالحدود أو بالخطوط الحمراء. إذا شعر بأن أمن إسرائيل مهدد، فسيفعل أي شيء في أي مكان”.

تصريح اعتبره مراقبون تحذيراً مبطناً من أن الاتفاق المزمع لا يضمن أمن سوريا، بل يعزز اليد الإسرائيلية في الجنوب، ويمنحها مساحة نفوذ غير مسبوقة.

أصوات معارضة: لا شرعية لاتفاق دون تمثيل شعبي:

معاذ الخطيب، الرئيس السابق للائتلاف السوري المعارض، قال إن: “أي اتفاق سري أو علني لا يحصل على موافقة مجلس تمثيلي شرعي لا قيمة له ولا يُلزم إلا الأطراف الموقعة عليه”.

الكتلة الوطنية السورية أكدت على موقفها الثابت برفض أي اتفاق مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، مشددةً على أن أي شكل من أشكال التفاوض أو التعاون مع الاحتلال مرفوض بشكل قاطع، مع التشديد على تحرير كامل الأراضي السورية المحتلة، بالطرق التي يكفلها القانون الدولي والمواثيق الأممية.

أما صالح الحموي، أحد مؤسسي جبهة النصرة سابقاً، فقد وصف الاتفاق بأنه “مهين ومجرد صفقة لبقاء السلطة الحالية في دمشق”، محذراً من موجة تنازلات قادمة.

الشعب السوري منقسم.. بين القبول والرفض:

على المستوى الشعبي، ينقسم السوريون حول الاتفاق المزمع:

مؤيدون: يرون أن سوريا في وضع ضعيف بعد الحرب، ولا طاقة لها بمواجهة عسكرية، ويفضلون التركيز على إعادة الإعمار وتحسين الاقتصاد، ولو عبر حلول سياسية “مرّة”.

معارضون: يرفضون ما وصفوه بـ “التنازل والاستسلام”، ويحذرون من أن الاتفاق لن يتوقف عند الجنوب، بل قد يتوسع ليشمل تنازلات جديدة تدريجية.

العقوبات الغربية.. سيف فوق رأس دمشق:

ورغم محاولات حكومة الشرع تقديم الاتفاق كخطوة نحو رفع العقوبات وتحسين الواقع المعيشي، فإن الولايات المتحدة والغرب لا يزالون يلوّحون بالعقوبات كسلاح ضغط سياسي، ما يعني أن التوقيع على الاتفاق قد لا يؤدي إلى انفراج اقتصادي فعلي، خاصة في غياب توافق داخلي سوري عليه، وعلى السلطة الانتقالية بقيادة الشرع.

خلاصة:

زيارة “الشرع” إلى نيويورك، على وقع مفاوضات مع “إسرائيل”، تطرح أسئلة كبرى حول الخطوط الحمراء للسيادة السورية، ومدى شرعية ما يُطبخ سياسياً دون توافق وطني واسع. فهل يكون الاتفاق بداية لانفراجة اقتصادية؟ أم بوابة لتنازلات سياسية تُكرّس واقعاً جديداً في الجنوب السوري؟

يبقى الجواب رهن تطورات الأيام المقبلة، وما ستسفر عنه الوساطة الأمريكية والموقف الشعبي داخل سوريا.

إقرأ أيضاً: بين دمشق وتل أبيب .. هل يتقاطع الاتفاق الأمني مع الطموحات التركية؟

إقرأ أيضاً: الاتفاق الأمني بين دمشق وتل أبيب: هل بدأت سوريا تدخل مرحلة تقاسم أمني معلن؟

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.