طلاب المدينة الجامعية بدمشق يرفضون تحويل السكن إلى مشروع استثماري
في تطور جديد أثار موجة من الاستياء والغضب بين طلاب جامعة دمشق، أعلنت إدارة المدينة الجامعية في المزة عن قرار يقضي بتحويل بعض الطوابق داخل الوحدة السابعة إلى أجنحة خاصة يتم تأجيرها بأسعار مرتفعة، تحت مسميات مثل “جناح الياسمين” و”جناح التوليب”، ما فجر جدلاً واسعاً حول مستقبل السكن الجامعي في سوريا ودوره الأساسي في دعم الطلاب.

من غرف مخصصة للطلاب الأجانب إلى استثمار داخلي:
خلال زمن النظام السوري السابق، كانت بعض غرف المدينة الجامعية مخصصة حصرياً للطلاب الأجانب، وتُصنّف كـ”VIP“، في مشهد يعكس الامتيازات على حساب الطلاب السوريين. وبعد سقوط النظام وتراجع أعداد الطلاب الأجانب، أوقفت الإدارة هذه الممارسات، لكنها عادت مؤخرًا لاستغلال المساحات ذاتها عبر ترميمها وتحويلها إلى أجنحة فاخرة تُؤجَّر بأسعار مرتفعة، بحسب ما ذكر موقع “الحل نت”.
أسعار خيالية ورفض طلابي واسع:
وفق مصادر طلابية، تم طرح جناح الياسمين للإيجار أولاً للطلاب من الجامعات الخاصة بأسعار مرتفعة بهدف تحقيق دخل إضافي، قبل أن تتراجع الإدارة وتتيح الغرف لطلاب جامعة دمشق بسعر 500 ألف ليرة سورية للتخت الواحد. ولاحقاً، توسعت التجربة بإطلاق “جناح التوليب” بأسعار تراوحت بين 800 ألف إلى مليون ليرة.
هذه الخطوات أثارت غضباً واسعاً، خصوصاً بين الطلاب القادمين من المحافظات البعيدة والذين يعتمدون على السكن الجامعي كمرفق حيوي لإكمال دراستهم في العاصمة.

قرار إخلاء طالبات “الوحدة السابعة” يشعل الأزمة:
الاحتقان تصاعد عندما تم إبلاغ طالبات الطابق الأرضي في الوحدة السابعة بضرورة الإخلاء خلال العطلة الصيفية، ما أثار موجة رفض واحتجاج على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بـ المدينة الجامعية بدمشق.
“السكن الجامعي لنا… وليس للاستثمار”:
منشورات عدة لطالبات رفضن القرار بشدة، من بينهن طالبة كتبت: “نحن نعترض على هذا القرار ولن نغادر غرفنا قصراً. السكن الجامعي حق للطلاب وليس مشروعاً استثمارياً”.
هذا الموقف حظي بدعم من طالبات أخريات، عبّرن لـ “الحل نت” عن شعورهن بالضغط النفسي والتمييز، واعتبرن أن القرار تعسفي ولا يراعي ظروف الطالبات من خارج دمشق، خاصة خلال فترة العطلة الصيفية.
شهادات طلابية تكشف الإحباط والمعاناة:
سارة. ن، طالبة هندسة زراعية من دير الزور، قالت: “القرار تعسفي، وما بيحترم ظروفنا. كيف بدهم نفضي غرفنا ونحن بعز العطلة ومحافظتنا بعيدة؟”.
رغد. ك، طالبة من ريف دمشق، انتقدت تجاهل الإدارة للأولويات الأساسية: “الحمامات مكسرة والوضع مزرٍ، بدل ما يحسنوا المرافق، عم يعملوا أجنحة خاصة!”.
هبة. ع، طالبة علوم، اعتبرت القرار إهانة مباشرة للطلاب: “نحنا مو زباين نحنا طلاب، بدال ما يحسنوا أوضاعنا، عم يخلونا ندفع ثمن قرارات استثمارية، وعم يخلوا دراستنا أصعب”.
تصاعد الغضب الطلابي: “الإدارة لا تمثلنا”:
مع توالي ردود الفعل، عبّر العديد من الطلاب عن استيائهم من تسليع السكن الجامعي وتحويله إلى مشروع ربحي. وعلّقت الطالبة رنيم خطاب، بعد أربع سنوات في غرفتها، قائلة: “كنا ننتظر تحسينات، مش تحويل غرفنا لأجنحة نخبوية!”.
أما عماد العبد الله، فعبّر عن رفضه القاطع لما أسماه بـ”الخصخصة الخفية” للسكن، قائلاً: “إذا عندكن مصاري للجناح، صلحوا الحمامات المكسورة من شهور”.
ومن جهة أخرى، رأت رانيا محمد، الطالبة من حماة، أن القرار جاء دون سابق إنذار وفي توقيت غير مناسب، خاصة مع غياب عدد كبير من الطالبات عن المدينة خلال العطلة.
فساد ومحسوبيات؟
علي العمر، طالب جامعي آخر، اعتبر أن القرار يكشف عن فساد إداري ومحسوبيات واضحة، وقال: “الطابق الأرضي صار للمعارف واللي بيدفع أكتر، ما حدا عم يفكر فينا كطلاب، بس كزبائن”.
إقرأ أيضاً: جدل واسع في دير الزور بعد تعيين دكتور في التاريخ نائباً لعميد كلية الهندسة بجامعة الفرات
حملة طلابية وهاشتاغات غاضبة:
رداً على هذه القرارات، أطلق الطلاب حملة إلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي، تحت وسم: “السكن الجامعي حق للطلاب ليس جناحاً خاصاً للاستثمار والتأجير”.
تهدف الحملة إلى الدفاع عن حق الطلاب في سكن جامعي لائق بعيداً عن عقلية الاستثمار، ومطالبة الإدارة بالتراجع عن قراراتها والاهتمام بصيانة المرافق العامة وتحسين جودة الحياة الطلابية داخل المدينة الجامعية.
مدير المدينة الجامعية ينفي ويبرر:
من جانبه، نفى مدير المدينة الجامعية في دمشق، عماد الدين الأيوبي، الأخبار المتداولة بشأن خصخصة السكن أو طرد الطالبات، وقال إن الإخلاء مؤقت ويهدف إلى إجراء صيانة سنوية دورية، مشيراً إلى أن الطالبات سيعدن إلى غرفهن بعد الانتهاء من أعمال الترميم.
ودعا الأيوبي إلى عدم الانجرار وراء الشائعات، والاعتماد على المصادر الرسمية لمتابعة أخبار المدينة الجامعية.
السكن الجامعي في دمشق بين الواقع والتمييز:
القضية تجاوزت مجرد تخصيص طابق هنا أو هناك، لتصبح رمزاً لصراع أكبر بين الطلاب محدودي الدخل وبين إدارة تنظر للسكن كفرصة ربحية. وفي ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في سوريا، لا تزال المدينة الجامعية تمثل شريان حياة أساسياً لآلاف الطلاب، ما يجعل المساس بهذا الحق محفوفاً بالتوتر والرفض الشعبي الواسع.
إقرأ أيضاً: من مخبري إلى مدير معبر جرابلس.. تعيين شقيق وزير الدفاع يثير الجدل