اتفاق 10 آذار: مفاوضات حذرة بين الحكومة السورية وقسد

تشهد العلاقة بين الحكومة السورية الانتقالية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) تطورات هادئة تهدف إلى منع التصعيد العسكري واستكشاف إمكانية تطبيق اتفاق 10 آذار، الموقّع بين الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، والقائد العام لقسد مظلوم عبدي، برعاية وضغط مباشر من الولايات المتحدة وفرنسا.

وتجلّت مؤشرات هذا المسار في زيارة مسؤولة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية، إلهام أحمد، إلى دمشق، بعد أيام من توترات ميدانية وحشود عسكرية متبادلة في مناطق شمال شرق سوريا، خصوصاً في محيط دير الزور والرقة والحسكة.

تليين الخطاب بين الطرفين

في ظل هذه التطورات، أعلنت الحكومة الانتقالية قبولها مبدأ اللامركزية الإدارية، شرط أن تُطبّق على كامل الأراضي السورية، وهو ما شكّل تحولاً لافتاً في الموقف الرسمي. بالمقابل، خفّفت قسد من نبرة خطابها، وقلّصت من المطالبات العلنية بتطبيق القرار الأممي 2254 أو تشكيل هيئة حكم انتقالي جديدة، ما يشير إلى رغبة مشتركة في تهيئة الأرضية لحوار طويل الأمد.

كذلك، تم تأجيل مؤتمر دستوري كان مقرراً في مدينة الرقة، بمشاركة ممثلين من مختلف المكونات السورية، بما في ذلك من الساحل والسويداء، وذلك لتجنّب توتير الأجواء السياسية في ظل التحضيرات لمفاوضات جديدة.

ضغوط تركية وفرنسية متبادلة

بحسب مصادر مطلعة، تحدثت لصحيفة “الأخبار” مارست تركيا ضغوطاً مباشرة على الولايات المتحدة وفرنسا لإلغاء جولة مفاوضات كانت مقررة في باريس في 14 آب/أغسطس الجاري، بسبب ما اعتبرته “استفزازاً” في سياق اجتماع لمكونات شمال شرق سوريا في الحسكة. وفي ردّ فرنسي، طُرح احتمال دعوة مظلوم عبدي للقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إلا أن باريس علّقت هذا التوجه مؤقتاً، مقابل قبول أنقرة بمهلة زمنية لتطبيق اتفاق 10 آذار تمتد حتى نهاية عام 2025.

المفاوضات تعود إلى الداخل السوري

وفق المصادر، تم التوافق على حصر جولات التفاوض داخل الأراضي السورية، إما في دمشق أو القامشلي، مع حضور مراقبين من واشنطن وباريس. ويجري حالياً التحضير لـ جولة جديدة من المحادثات خلال الأيام القليلة القادمة، وسط مؤشرات على مرونة متزايدة من الطرفين، بهدف التوصل إلى نقاط توافق يمكن البناء عليها.

تسويات جزئية وتمهيد لتفاهمات أكبر

في هذا السياق، بدأت اجتماعات محلية في الرقة ودير الزور بين قسد وشخصيات عشائرية ومحلية، لبحث مستقبل هذه المناطق وإمكانية إعادة تسليم بعض إداراتها إلى الحكومة السورية الانتقالية، في إطار ترتيب إداري موحّد. في المقابل، جددت دمشق تمسكها بـرفض اللامركزية السياسية، لكنها أبدت انفتاحاً على نماذج إدارية لامركزية محلية.

نحو خارطة طريق تدريجية

المؤشرات الحالية تؤكد أن اتفاق 10 آذار لم يُدفن، بل يتم تحريكه بحذر وبضغوط دولية مركّزة، في محاولة لتجنب المواجهة المفتوحة وبناء مسار تفاهم تدريجي، قد يشكّل حجر الأساس لأي تسوية سورية مستقبلية تشمل كافة المكونات.

إقرأ أيضاً: مفاوضات قسد ودمشق مستمرة في الداخل بعد إلغاء اجتماعات باريس

إقرأ أيضاً: مؤتمر الحسكة: قسد تسعى لتكريس تحالف الأقليات وتعزيز مطلب اللا مركزية في سوريا

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.