الصحة النفسية للأب: عامل خفي يؤثر على مستقبل أطفالك

الصحة النفسية للأب: بطل خفي يواجه معركة صامتة من أجل أطفاله
في كل منزل، يتبوأ الأب مكانة البطل. هو الداعم الأول، والسند، والكتف الذي يتكئ عليه الجميع. لكن وراء هذا الدور التقليدي، تكمن معركة صامتة غالباً ما يتم تجاهلها: معركة الصحة النفسية. لطالما ركزت الأضواء على الأم ودورها الحاسم، لكن دراسة حديثة أطلقتها JAMA Pediatrics تقلب الموازين، لتكشف عن حقيقة صادمة: الحالة النفسية للأب ليست مجرد مسألة شخصية، بل هي عامل حاسم يؤثر في نمو أطفاله، عاطفياً، وذهنياً، وجسدياً.

عندما يتأثر الأب، يتغير عالم الطفل
الدراسة التي شملت آلاف الآباء حول العالم، أكدت أن القلق والتوتر والاكتئاب يمكن أن يخترق جدران المنزل ويؤثر بشكل مباشر في الأبناء، خاصة خلال السنوات الأولى من حياتهم. النتائج كانت واضحة وصريحة:

على المستوى العاطفي: يعاني الأطفال من صعوبة في بناء علاقات صحية أو ضبط مشاعرهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للانسحاب أو العدوانية.

على المستوى الذهني: تظهر مشاكل في التركيز، وضعف الذاكرة، وبطء في اتخاذ القرارات البسيطة.

على المستوى الجسدي: قد يتعرض الطفل لمشاكل في النوم، أو بطء في النمو، بل وقد يساهم التوتر النفسي للأب في زيادة احتمالية الولادة المبكرة.

“الحالة النفسية بعد الولادة لها تأثير أكبر بكثير مما نتخيل،” هذا ما أكدته الدراسة، مشيرة إلى أن التوتر يضعف رابطة الأب بطفله ويقلل من التواصل العاطفي الذي يحتاجه الطفل بشدة.

كسر صمت الأرقام: هل كل الآباء معرضون؟
“الرجل لا يشتكي”، “يجب أن يكون قوياً”. هذه التوقعات المجتمعية تضع الآباء تحت ضغط هائل، خاصة في الفترة الحساسة التي تسبق وتلي الولادة. الإحصاءات لا تكذب:

8% من الآباء يعانون من اكتئاب سريري.

11% يواجهون نوبات قلق.

ما بين 6% إلى 9% يعانون من توتر نفسي مرتفع.

هذه الأرقام تكسر الصورة النمطية للأب الذي لا يتأثر، لتكشف عن معركة حقيقية يواجهها الآلاف في صمت.

نصيحة أخيرة: لم يفت الأوان بعد
رسالة الدراسة واضحة: الدعم النفسي ليس رفاهية، بل ضرورة. الأبوة ليست مهمة فردية، بل هي مسؤولية مشتركة.

إذا كنتِ زوجة، شجعي شريكك على الحديث عن مشاعره. وإن كنت أباً، لا تتردد في طلب المساعدة. سواء كان ذلك بالحديث مع صديق موثوق، أو بالانضمام إلى مجموعات دعم، أو حتى بطلب مساعدة مختص.

صحة الأب النفسية ليست حكراً على الأم. هي استثمار في العائلة بأكملها، وفي مستقبل الأبناء الذين يراقبوننا، ويحتاجون إلى قدوة متوازنة نفسياً وعاطفياً.

اقرا ايضاً: بين الحب والخوف: لماذا يدمر إخفاء أخطاء الأبناء العلاقة الأسرية؟

اقرا ايضاً: النمو العاطفي والاجتماعي عند الأطفال: دليل لفهم عالمهم الداخلي

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

 

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.