داما بوست – مارينا منصور
إن لم تكن أنت، فلا بد أن أحد المحيطين بك يعاني من الاكتئاب، إذ أشارت الإحصائيات إلى ارتفاع معدلات الاكتئاب في الشرق الأوسط، ووفقاً لـ”منظمة الصحة العالمية”، 300 مليون شخص يعاني من الاكتئاب في جميع أنحاء العالم.
الاكتئاب..شبح أم حقيقة؟
إن الاهتمام بالصحة النفسية لا يقل أهمية عن الاهتمام بالصحة الجسدية، والاكتئاب هو اضطراب نفسي شائع يمكن أن يصيب أي أحد، يؤثر في حالة المصاب النفسية، وقدرته على إنجاز المهام اليومية وعلاقاته بالمحيط، ومثله مثل أي مرض، بحاجة إلى علاج، ويجب أخذه بجدية، والتعامل معه من قبل مختصين وأطباء.
الدماغ يحوي مراكز مسؤولة عن القلق والاكتئاب، ومراكز مسؤولة عن الإحساس بالألم، عند تأثر المراكز المسؤولة عن الألم، تتأثر المراكز المسؤولة عن القلق والاكتئاب، فالعلاقة بينهما مترابطة ومتبادلة، ولهذا السبب نلاحظ أن أغلبية المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، يكون لديهم اكتئاب، فبحسب “الجمعية الأميركية لعلاج الألم” 75% من مرضى الأمراض المزمنة يعانون من الاكتئاب.
كيف أعرف أنني بحاجة إلى المساعدة؟
إذا ظهرت لديك هذه الأعراض فأنت بحاجة إلى طلب المساعدة، لا تتردد في ذلك، ولا تخف من وصمة العار الملاحقة لموضوع زيارة الطبيب النفسي، فهذا الاضطراب عبارة عن مرض يحتاج زيارة الطبيب وعلاجه، فبالطبع لو عانيت من آلاماً جسدية كبيرة لن تهمل نفسك وتفاقم الوضع، والموضوع نفسه بالنسبة للألم النفسي، لا يجب تركه ليتفاقم.
من هذه الأعراض:
تغيرات في الشهية والوزن، زيادة أو نقصان.
عدم القدرة على النوم، والتفكير بأفكار سلبية تبقيك مستيقظاً، وعلى العكس، قد يزداد عدد ساعات نوم المريض هرباً من الواقع.
عدم الاهتمام بالنشاطات المفضلة، إذ تتراجع قدرتك على القيام بأمور كنت تحب القيام بها، أو تشعر بالكسل والخمول ولا تفضل إنجاز المهام اليومية المعتادة.
نظرة متدنية للذات، فيجلد المريض ذاته ويشعر أن كل ما يفعله غير كافي، ويقلل من قدراته وإنجازاته.
عدم السيطرة على العواطف، وحدوث انفعال وانهياج، فيبدي المريض انفعالاً كبيراً على أمور صغيرة لا تحتاج ردة الفعل هذه، وقد يدخل في نوبات بكاء غير مبرر بسبب التقلبات المزاجية الحادة.
آلام جسدية تدل على الاكتئاب، كالصداع وضيق الصدر، وتسارع ضربات القلب، وأوجاع ومشكلات في الجهاز الهضمي.
اضطرابات جنسية، بسبب الرابط الوثيق بين الاكتئاب والحالة الجنسية لدى المريض، فيشعر بفقدان الرغبة في ممارسة العلاقة.
إن ظهور أحد هذه الأعراض لا يجزم الإصابة بالاكتئاب، بل يحتاج التشخيص إلى وجود أكثر من علامة مجتمعة.
أشياء لا تقلها
إذا لاحظت ظهور هذه الأعراض لدى أحد الأشخاص في محيطك، مع ترديد هذا الشخص أحاديث عن الموت والانتحار، أو تغيّر مشاعره فجأة إلى يأس شديد، أو ملاحظة تهور في تصرفاته ورغبة شديدة بالموت، أو اتصاله بأشخاص لتوديعهم، فيجب عليك أن توجهه ليزور طبيباً نفسياً.
كما يجب أن تمتنع عن ذكر هذه العبارات أمامه، لأنها تفاقم وضعه سوءاً:
“كلنا عم نعاني من مشاكل”، تختلف ردة فعل شخص عن آخر حول مواجهته لمشاكل في حياته، ومريض الاكتئاب لا يرى أنها مشاكل عادية، فذكر عبارة كهذه أمامه تشعره بالاستخفاف بوضعه، أو يدخل بمقارنات حول أن الآخر يتعامل مع مشاكله بشكل طبيعي وهو لا يستطيع، فيزداد شعوره بالعجز.
“أنت مكبر الموضوع”، لا علاقة للشخص بالتحكم بردة فعله إذا كان مريضاً، فكما ذكرنا لا يستطيع المريض السيطرة على عواطفه، بسبب الخلل في المواد الكيميائية في الدماغ، فلا يفكر بشكل سليم.
“أنت سبب يلي أنت فيه”، مرض الاكتئاب هو السبب وليس المريض، وسيطرته على أفكاره ليست بوسعه، وهذه العبارة تزيد من لومه لنفسه، وعدم قدرته على التقدم في العلاج.
“صلّي وقرّب من الله”، يلجأ البعض إلى توجيه نصائح للمريض دون علمهم بالخلفية العلمية للموضوع، فيطلبون منه الابتعاد عن أخذ الدواء او استشارة مختص، والاكتفاء بالصلاة، وهذا الأمر يشبه أن تقول لمريض سرطان لا تأخذ الدواء بل صلّي فقط، وهذا ليس منطقياً، فكل مرض بحاجة لعلاج دوائي، ويرجع تقدير موضوع احتياج المريض للأدوية أو لا للطبيب النفسي.
“لا تفوت فوتة الدكتور النفسي”، في الاكتئاب من الصعب حل الاضطراب دون مراجعة الطبيب، ومن المهم طلب المساعدة من المختص لإنقاذ المريض منذ البداية منعاً لمضاعفات خطيرة تؤدي للانتحار.