اعتادت الولايات المتحدة الأمريكية على تقديم الدعم اللامحدود “لإسرائيل” مع كل عدوان جديد تشنه على الفلسطينيين ولاسيما في قطاع غزة دون أن يتسبب ذلك الدعم بأي نتائج سلبية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إلا أن العدوان الهمجي الذي يقوم به كيان الاحتلال الصهيوني على غزة سيكلف إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” والمقبلة على امتحان الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني من العام القادم، الكثير على صعيد خسارة شعبية حاول الرئيس “بايدن” خلال سنوات ولايته للبيت الأبيض تعزيزها وتمكينها.
فبعد سنوات من الصمت حول ما يتعرض له الفلسطينيون من جرائم إبادة جماعية على يد ألة القتل الإسرائيلية، بات الكثير من الأمريكيون يتابعون أخبار المعاناة اليومية لسكان القطاع تحت القصف الإسرائيلي، وهو أمر وثقته أرقام استطلاعات الرأي وأظهرت أحداها، تلك التي أجرتها صحيفة “واشنطن بوست” أن 44% من الأمريكيين يؤكدون ضرورة وقف إسرائيل عدوانها على قطاع غزة إضافة الى ميل 46% من الشباب الأمريكي للتعاطف مع الفلسطينيين إزاء ما يتعرضون له.
ما وصلت إليه واشنطن بوست أيده استطلاع أجراه مركز الدراسات السياسية الأمريكية بجامعة هارفارد يقول..” أن غالبية الأميركيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما وبين 25 و34 عاماً يعتقدون أن “إسرائيل” ترتكب إبادة جماعية في غزة واصفة إياها ب “الظالمة”، وبحسب نفس الاستطلاع، فإن 67% من المستجوبين من هذه الفئة العمرية يرون أنه يجب أن تتم إدانة “إسرائيل” تبعاً لمجازرها الشنيعة معبرين عن تذمرهم من المشاهد المؤلمة التي ترتكبها بحق المدنيين في غزة.
“الولايات المتحدة في موقف محرج ” بهذه الكلمات وصف العضو في الحزب الديمقراطي الأمريكي “أحمد محارم”، المأزق الذي تقع فيه واشنطن بدعمها للكيان الصهيوني مضيفاً.. “الضغط الشعبي والرسمي المتزايد يضع الولايات المتحدة في موقف حرج يحتم عليها أن تعيد حساباتها، لافتاً إلى أن حجم الدعم الكبير من الولايات المتحدة لإسرائيل دون تحقيق أي أهداف من هذا الأمر كبدت أمريكا خسائر فادحة اقتصادياً وجعلت إدارة “بايدن” تدرك أن نتنياهو يستغلها لتحقيق مصالحه الشخصية والتهرب من المساءلة القانونية.
المواقف التي اتخذها الرئيس “بايدن” منذ بدأ عملية طوفان الأقصى إلى الآن، ورفضه الهدنة لتخفيف وطأة الصراع، لا يخاطر فيها بمستقبله السياسي فحسب، بل يخاطر بدعم أعضاء حزبه الديمقراطي له إذ أن معدل الموافقة على وظيفة بايدن بين الديمقراطيين قد انخفض الشهر الفائت إلى 75%، وفقاً لمؤسسة “غالوب” لاستطلاعات الرأي، وهو أسوء تقييم للرئيس منذ توليه منصبه.
بلا شك دعم إدارة “بايدن” العدوان النازي على قطاع غزة قدم ورقة رابحة لخصوم في الانتخابات الرئاسية المقبلة يبنون عليها اتهاماتهم للإدارة الحالية بسوء الإدارة السياسية مستغلين حالة الامتعاض الشعبية إزاء دعم إسرائيل في قتل الفلسطينيين ولاسيما الجاليات العربية والمسلمة الكبيرة في أمريكا.
فعلى عكس الأرقام التي سجلت العام الفائت تفوق الرئيس “بايدن” على الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” لدى فئة الشباب من عمر 18 وحتى 29 عاماً ب 21 نقطة والذي بقي محافظاً على تقدمه حتى تموز الفائت ب 6 نقاط أما اليوم وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز” بات “ترامب” متصدراً بفارق 6 نقاط، الأمر الذي عزته “التايمز” لدعم الرئيس “بايدن” الأعمى لنتنياهو في عدوانه على قطاع غزة.
وفي رده على سؤال أحد الصحفيين عن كيفية تبريره التراجع الكبير إلى أدنى مستوياته لشعبيته وصف الرئيس بايدن الاستطلاعات أنها “كاذبة”.
لترد “واشنطن بوست” عليه بنشر 17 استطلاع للرأي جرى في الولايات المتحدة، مبينة أن ثلثي الأمريكيين ضد نهجه وتأييده الأعمى للحرب.
وكانت واشنطن بوست قد نقلت عن مصادر مطلعة أن “بايدن” اجتمع مع مساعديه ليعرف كيف سيتصرف فريقه وحملته حيال هذه النسب الأخيرة المنخفضة، وأعرب عن قلقه إزاء الانتخابات الرئاسية المقبلة والتي وجدها أكبر منه، وعن مخاوفه من عدم قدرته على تقليص الفارق بينه وبين منافسه المرتقب “ترامب”.
وبعد الأرقام التي بينت إخفاقات الرئيس “بايدن” الكبيرة في السياسة الخارجية هل ستكون غزة القشة الأخيرة التي سيحسم من خلالها “ترامب” والجمهوريين الانتخابات الرئاسية القادمة لصالحهم؟
ويشار أن الولايات المتحدة الأمريكية استخدمت حق النقض “الفيتو” في الثامن من الشهر الحالي، ضد مسودة مشروع قرار قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، مع ضمان وصول المساعدات الإنسانية.
المقال السابق
المقال التالي