تصريح أردوغان يشعل النقاش: نفوذ ثقافي أم احتلال ناعم؟
أثار تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشأن انتشار استخدام اللغة التركية في عدد من المدن السورية موجة واسعة من الجدل في الأوساط السورية. وكان أردوغان قد قال إن التركية باتت تُستخدم كلغة ثانية في مدن مثل دمشق وحلب وحماة وحمص واللاذقية، معتبراً ذلك دليلاً على “عمق العلاقة بين الشعبين”.
ردود فعل متباينة داخل سوريا:
التصريح قوبل بمواقف متناقضة بين السوريين. فمن جهة، رأى البعض أن انتشار اللغة التركية يعكس انفتاحاً ثقافياً طبيعياً بين بلدين جارين تربطهما علاقات تاريخية، معتبرين أن تعلم لغة إضافية قد يعود بفائدة تعليمية واقتصادية على السوريين، خاصة في ظل وجود ملايين السوريين في تركيا.
في المقابل، عبّر آخرون عن مخاوفهم من أن يكون هذا الانتشار مؤشراً على ما وصفوه بـ“الاحتلال الناعم”، في ظل التدخل التركي في ملفات سورية عديدة، أبرزها ملف قوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى سيطرة تركيا وفصائل موالية لها على أجزاء من الشمال السوري ونشر قواعد عسكرية هناك.
التمدد التركي أعمق من مجرد لغة:
وفي سياق الجدل الدائر، علّق الكاتب والمحلل السياسي السوري محمد هويدي على تصريح أردوغان، مقارناً بين النفوذ التركي في سوريا والتحالف السوري–الإيراني الذي امتد لأربعة عقود.
وقال هويدي إن العلاقات بين دمشق وطهران، رغم عمقها السياسي والعسكري والاقتصادي، لم نلحظ أي تأثير ثقافي أو اجتماعي أو مذهبي يغيّر من هوية المجتمع السوري، وفق هويدي. وأضاف أنه لم يسبق لأي مسؤول إيراني القول بأن السوريين يتحدثون الفارسية أو أنهم جزء من “الأمة الفارسية”.
وأضاف هويدي أنّ الخطاب العربي ركّز لسنوات على التحذير من “الخطر الإيراني”، بينما – بحسب تعبيره – “تمدّد الأتراك بصمت داخل المجتمع السوري”، قائلاً: “استيقظنا لنجد الأتراك في غرف نومنا، وفي مؤسساتنا، وداخل نسيجنا الاجتماعي مهيمنين علينا جميعا . الخطر لم يأتِ من البعيد، بل من الجار الذي تمدّد بصمت، وبأدوات ناعمة وخشنة في آن واحد…”.
ملامح المرحلة المقبلة:
يبقى تصريح أردوغان وما رافقه من ردود فعل جزءاً من الجدل الأكبر حول مستقبل النفوذ الإقليمي داخل سوريا، ودور القوى الفاعلة فيها، وسط أسئلة مستمرة حول حدود التأثير الثقافي والسياسي لكل طرف، وكيف سينعكس ذلك على الهوية السورية خلال السنوات القادمة.
إقرأ أيضاً: تركيا تُنشئ ملحقية ومستشارية للخدمات الدينية في حلب ودمشق