تقرير: إصلاح القطاع الأمني في سوريا بعد سقوط الأسد يواجه تحديات معقدة
أصدر المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية تقريرًا جديدًا بعنوان “من الانقسام إلى الاندماج: مستقبل إصلاح القطاع الأمني في سوريا بعد سقوط الأسد”. التقرير، يتناول مرحلة ما بعد إسقاط نظام بشار الأسد أواخر عام 2024، مسلطًا الضوء على التحديات الأمنية والعسكرية التي تواجهها الحكومة الجديدة في بناء مؤسسات أمنية فعالة وغير طائفية.
نهاية حقبة الأسد وتفكيك الجيش السوري:
أوضح التقرير أن سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، شكّل تحولًا جذريًا في المشهد السوري. وأشار إلى أن الجيش السوري، الذي كان يُعتبر قوة إقليمية كبرى، أصبح مع الزمن أداة للولاء السياسي أكثر من كونه جيشًا وطنيًا، مما ساهم في انهياره السريع.
الخطوات الأولى للحكومة الجديدة: حل الجيش وتفكيك حزب البعث:
في خطوة رمزية، قامت الحكومة الانتقالية الجديدة بحل الجيش السوري وتفكيك حزب البعث، مع الإعلان عن تأسيس وزارة دفاع جديدة، وإطلاق قوة الأمن العام التابعة لوزارة الداخلية، في محاولة لاحتكار الدولة للسلاح وضمان الأمن.
لكن التقرير أشار إلى أن هذه الخطوات واجهت صعوبات، أبرزها ضعف كوادر الأمن العام، وهيمنة هيئة تحرير الشام فعليًا على مفاصل القرار السياسي والعسكري، مما جعل محاولات الدمج الأمني شكلية حتى الآن.
الجماعات المسلحة بعد الأسد: خطر الاستقلالية والسلاح خارج الدولة:
وفقًا للتقرير، تواجه الحكومة الجديدة معضلة كبيرة في التعامل مع الجماعات المسلحة غير الحكومية، والتي نشأت خلال الحرب، ومنها:
1- قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات الأغلبية الكردية
2- هيئة تحرير الشام السلفية الجهادية
3- الجيش الوطني السوري المدعوم تركيًا
4- فصائل درزية، ومجموعات محلية مستقلة
5- بقايا النظام، وتنظيمات مثل داعش
وبينما تم دمج بعض الفصائل المعارضة رسميًا، بقيت جماعات كبرى تحتفظ بسلاحها وقوتها، مما يهدد استقرار الدولة الجديدة.
حوادث أمنية تكشف هشاشة الوضع:
سجلت الأشهر الأولى من عام 2025 عدة حوادث أمنية خطيرة، أبرزها:
1- الأحداث التي وقعت في الساحل (مارس 2025)
2- اشتباكات طائفية في السويداء بين دروز وبدو (يوليو 2025)
3- اختراقات لقوات الأمن العام وضعف السيطرة الميدانية
هذه الحوادث، بحسب التقرير، أكدت ضعف البنية الأمنية الجديدة، وأظهرت الحاجة الملحة إلى بناء جهاز أمني وطني محترف.
توصيات المعهد: نزع السلاح والتدقيق في دمج المقاتلين:
أوصى المعهد الدولي بضرورة تنفيذ برنامج شامل لنزع السلاح وتسريح المقاتلين وإعادة إدماجهم (DDR)، بحيث:
1- يُدمج المقاتلون في الحياة المدنية
2- يُسمح فقط لمن لم يتورطوا في جرائم حرب بالانضمام للقوى الأمنية
3- يُجرى تدقيق صارم للخلفيات الأمنية والطائفية
كما أكد التقرير أن إصلاح القطاع الأمني في سوريا يجب أن يتم بقيادة السوريين أنفسهم، عبر مؤسسات شرعية منتخبة، لا عبر الفرض الدولي أو الصفقات السياسية.
تحذير من “السيناريو العراقي” وتكرار أخطاء الماضي:
استشهد التقرير بتجربة العراق بعد 2003، حيث أدى حل الجيش العراقي إلى فراغ أمني، داعيًا إلى تفادي هذا الخطأ عبر إصلاح تدريجي ومنظم، بدلاً من التفكيك الكامل.
وفي الوقت نفسه، حذر من احتمال تكرار النموذج اللبناني، الذي تميز بجيش وطني ضعيف، وهو ما قد يُبقي سوريا في دائرة الانقسام والعنف.
خلاصة: هل تنجح سوريا في بناء أمن وطني جديد بعد الأسد؟
يختم التقرير بتأكيد أن إعادة بناء قطاع أمني موحد، غير طائفي، وفعّال في سوريا هو ركيزة أساسية لأي استقرار مستقبلي. لكنه يحذر من أن الفشل في هذا الملف قد يعيد البلاد إلى الفوضى، ويُفشل مشروع الانتقال السياسي برمته.
إقرأ أيضاً: درعا تحت وطأة العنف والاغتيالات: محاولات حكومية ضعيفة لمكافحة الفوضى الأمنية
إقرأ أيضاً: المرصد السوري: عمل قسري وانتهاكات داخل السجون السورية