معهد واشنطن يحذر من تعزيز النفوذ الروسي في سوريا
حذر معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأوسط”، في تقرير صدر مساء أمس الاثنين من محاولات روسيا استعادة نفوذها في سوريا عبر استراتيجيات هادئة تعتمد على تقديم دعم اقتصادي وسياسي غير مشروط للحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، ما يجعل من الضروري للغرب استثمار نفوذه الاقتصادي الحالي قبل أن يتعزز الدور الروسي بشكل أكبر.
وأشار التقرير إلى أن الفرصة الأمريكية لإعادة تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط بعد سقوط بشار الأسد بدأت تتلاشى مع إعادة موسكو تموضعها داخل سوريا. ويعتبر التقرير أن الفشل في مواجهة هذه التحركات قد يُكلف الدول الغربية خسائر استراتيجية على المستوى الإقليمي والدولي.
الحضور الروسي في سوريا
يكتسب الملف السوري أهمية استراتيجية بالنسبة لموسكو، للموقع الحيوي لسوريا على شرق البحر الأبيض المتوسط، ما يتيح لروسيا توسيع نفوذها في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والجناح الجنوبي للناتو، وجنوب أوروبا، لا سيما في ظل الحرب الروسية على أوكرانيا.
وتحتفظ موسكو بحق الوصول إلى قاعدتي طرطوس وحميميم العسكريتين، كما تواصل تقديم الدعم الاقتصادي والعسكري لسوريا، بما في ذلك توريد النفط والمشاركة في طباعة العملة السورية، والحفاظ على السفارة الروسية في دمشق.
ويسلّط التقرير الضوء على زيارات رسمية روسية إلى سوريا، منها زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، لبحث التعاون في مجال الطاقة، ودعوة شركات روسية مثل “تاتنفت” لاستئناف أنشطتها، وهو ما يعكس توسيع المصالح الاقتصادية الروسية في البلاد.
التفاهمات الخفية خلال سقوط الأسد
يكشف التقرير أن سقوط الأسد لم يكن ضربة استراتيجية لموسكو، بل استفادت روسيا من مرحلة الانتقال عبر مفاوضات سرية مع قوات الشرع، مما مكّنها من الاحتفاظ بوجودها في سوريا رغم رحيل الأسد. ويمثل ذلك جزءًا من استراتيجية موسكو طويلة الأمد للسيطرة على مفاصل القرار في البلاد واستخدامها كورقة ضد النفوذ الغربي.
التحديات الغربية
يشير التقرير إلى أن تجاهل النفوذ الروسي سيضعف مصداقية الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا والشرق الأوسط، وقد يوفر لموسكو موارد إضافية لتعزيز سيطرتها على سوريا ومواصلة الحرب على أوكرانيا.
كما يحذر من أن روسيا، إذا توسع نفوذها أكثر، قد تزيد عدم الاستقرار في سوريا والمنطقة وتفاقم التوترات الإقليمية، مستغلة أي فراغ غربي لتقديم دعم سريع وغير مشروط للحكومة السورية، على عكس الديمقراطيات التي تشترط تحسين أوضاع حقوق الإنسان.
تحركات دمشق الأخيرة
بحث الرئيس الانتقالي السوري أحمد الشرع خلال زيارته إلى موسكو، في 15 تشرين الأول، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ملفات القواعد العسكرية الروسية والعلاقات الاقتصادية الثنائية، بحضور وزير الخارجية السوري، ورئيس الاستخبارات، ووزير الدفاع.
وأشار نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إلى استعداد روسيا لدعم إعادة بناء البنية التحتية السورية، فيما تم الاتفاق على عقد اجتماع للجنة حكومية دولية قريبًا لمتابعة ملفات التعاون.
الخلاصة
يرى المعهد أن النجاح الروسي في تثبيت وجوده في سوريا بعد الأسد يعكس قدرة موسكو على إدارة العلاقات بحذر واستثمار أي ضعف أو غياب للنفوذ الغربي. ويؤكد التقرير أن على الولايات المتحدة وحلفائها التحرك سريعًا لتعزيز بدائل اقتصادية وسياسية حقيقية أمام دمشق، والضغط على الحكومة السورية لتقليص اعتمادها على روسيا، قبل أن تصبح موسكو القوة المهيمنة في سوريا بشكل كامل.
اقرأ أيضاً:محافظ طرطوس ينفي شائعات الاتفاق مع روسيا بشأن انسحاب من الساحل السوري