فتح الأسواق في سوريا… هل هي الفرصة أو البداية لأزمة جديدة؟

يتجدد الجدل في سوريا بشأن التوجه التجاري بين فريقين: من يدعو إلى فتح الأسواق بشكل كامل أمام السلع الأجنبية، وآخر يرى أن الحل في سياسة ترشيد المستوردات التي اعتمدها النظام السابق. وبين هذين الاتجاهين ينشأ سؤال محوري: هل يُمثّل الانفتاح طريقاً للنمو أم وصفة لتكرار أزمات الماضي؟

مناغمة التجارة والانفتاح أم حماية الصناعة المحلية؟

يُعيد النقاش، الذي يشتعل اليوم عبر وسائل التواصل أكثر من القنوات الرسمية، إلى ذكريات منتصف العقد الأول من الألفية، عندما تم قرار سياسي بفتح السوق أمام الواردات الأجنبية، فدخلت كميات ضخمة من المنتجات، وتُركت المنافسة دون ما يكفي من حماية للصناعة المحلية. وقد أدّى ذلك إلى إغلاق آلاف المنشآت الصناعية والحرفية، ما ساهم في تفجير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في عام 2011.

ما الجديد؟ تحولات فعلية أم وعود فقط؟

منذ بداية العام الجاري، ازدادت الأصوات التي تنادي بـ تحرير التجارة، خصوصاً بعد خطوات عملية مثل السماح باستيراد آلاف السيارات، وتدفق البضائع الأجنبية بوضوح. ومع ذلك، لم تعلن وزارة الاقتصاد والصناعة السورية حتى الآن قراراً نهائياً أو سياسة رسمية، رغم أن الواقع يشير إلى تشير إلى انفتاح فعلي كامل.

فيما يقول أحد مستشاري وزير الاقتصاد: «أسواقنا ستفيض بالمنتجات من جميع أصقاع الأرض … سيكون المستهلك السوري من أسعد مستهلكي العالم». تصريحات تلقى تأييداً من التجار، بينما تُثير قلقاً لدى الصناعيين المحليين.

لماذا يخشى الصناعيون من السوق المفتوحة؟

يُذكر رجل الأعمال فيصل العطري أن التحديات التي تواجه الصناعة المحلية ليست فقط نتيجة الاستيراد، بل مرتبطة بعدة عوامل:

1- ضعف الإدارة داخل المصانع، وغياب دراسات الجدوى.

2- ضعف رأس المال وارتفاع تكاليف الإنتاج.

3- التفكير في السوق المحلية فقط والمنافسة بالسعر.

4- غياب الابتكار والجودة والتسويق.

وبدوره يرى الصناعي ميسّر بغدادي أن الأسواق السورية اليوم «تُغرق بمنتجات مستوردة منخفضة السعر والجودة»، ما يضع المنتج المحلي في مأزق حقيقي.

الواقع المعيشي… المستهلك الحائر بين السعر والجودة:

في سياق القدرة الشرائية المنخفضة، تُقدَّر نسبة الأسر السورية غير القادرة على تأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الغذائية بما يقارب 55%، ما يجعل المستهلك يبحث عن الأرخص حتى وإن كانت الجودة أقل. في هذا الواقع:

1- فتح السوق قد يزيد من توافر البضائع.

2- لكنه قد يُضعف المنتج الوطني إذا لم تتوافر حماية مناسبة.

ويتطلب برنامجاً مزدوجاً: خفض تكاليف الإنتاج المحلي ورفع القوة الشرائية للمستهلك حتى يتحقق الطلب الذي يدعم الجودة لا فقط السعر.

الخلاصة: تطلب الأمر رؤية واضحة واستراتيجية إنتاجية:

بين الانفتاح الكامل والسياسات الحمائية التقليدية، تبرز الحاجة إلى استراتيجية متسقة تعالج بيئة الإنتاج المحلي وتدعم المستهلك في آن واحد. فإذا لم يُصحب الانفتاح بإصلاحات جذرية، قد تتحول سوريا إلى سوق استهلاكي بامتياز على حساب صناعة وطنية كانت قائمة يوماً.

إقرأ أيضاً: مدير تموين دمشق: توقيف المرسوم 8 ينعش السوق المحلية والرقابة تتجه نحو اقتصاد السوق الحر

إقرأ أيضاً: الأسواق السورية تغرق بالبضائع المستوردة بعد سقوط النظام السابق ومخاوف من انهيار الصناعة المحلية

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.