خطة شاملة لإعادة تأهيل الكهرباء في سوريا: هل تنجح مشاريع الطاقة الجديدة في تجاوز التحديات؟
عاد الحديث عن مستقبل قطاع الطاقة في سوريا إلى الواجهة، بعد تصريحات لافتة أدلى بها عبد الحميد الخليفة، مدير صندوق أوبك للتنمية الدولية، أكد فيها وجود خطة متكاملة لإصلاح البنية التحتية للكهرباء في البلاد. ونقل موقع CNN الاقتصادية عن الخليفة تأكيده أن البداية ستكون من خلال إصلاح المحطات القائمة، تمهيداً لتطبيق مشاريع أوسع تعتمد على نموذج المنتج المستقل للطاقة، والذي يتيح للقطاع الخاص المشاركة في إنتاج الكهرباء.
واقع الكهرباء في سوريا: أزمة مستمرة منذ سنوات الحرب:
رغم التطلعات الجديدة، ما زالت شبكة الكهرباء في سوريا تعاني من أضرار جسيمة نتيجة الحرب والعقوبات الاقتصادية. حيث تعمل معظم المحطات بطاقة منخفضة، فيما تحوّل انقطاع التيار الكهربائي إلى جزء من الحياة اليومية، ما أثر بشكل مباشر على الإنتاج الصناعي والمشاريع الصغيرة والخدمات الأساسية.
طارق العيد: الخطة فرصة مهمة لكنها تواجه تحديات كبيرة:
بحسب المهندس طارق العيد، خبير الطاقة وعضو هيئة تنظيم الكهرباء السابق، فإن خطة صندوق أوبك تمثل “فرصة نادرة لإعادة ترتيب القطاع”، لكنه يؤكد في تصريح لـ العربي الجديد أن نجاحها يعتمد على أكثر من مجرد إصلاح المحطات. ويقول: “أي كهرباء منتجة لن تكون فعّالة إن لم يرافقها تحديث شامل لشبكات النقل والتوزيع، فالمشكلة لا تكمن فقط في الإنتاج، بل في القدرة على إيصال الكهرباء للمستهلكين بكفاءة واستقرار”.
نموذج المنتج المستقل للطاقة: شروط النجاح:
يشدد العيد على أن نموذج المنتج المستقل للطاقة يتطلب توفر ثلاثة شروط أساسية:
1- بيئة استثمارية مستقرة وشفافة
2- حماية قانونية حقيقية للمستثمرين
3- ضمان آلية دفع واضحة ومنتظمة للكهرباء المنتجة
وفي غياب هذه العناصر، يحذر من أن مشاركة القطاع الخاص ستظل محدودة، في ظل ما وصفه بـ”المخاطر السياسية والاقتصادية الحالية”.
الكهرباء عامل محرك للنمو الاقتصادي:
يرى العيد أن تطوير قطاع الكهرباء في سوريا ليس مجرد ملف تقني، بل هو ركيزة أساسية لدعم الاقتصاد الوطني. فـالكهرباء المستقرة تعني خفض تكاليف الإنتاج في المصانع، دعم المشروعات الصغيرة، وتحسين فرص التوظيف. لكنه ينبه إلى أن النجاح يتطلب سياسات تنظيمية واضحة واستثمارات متواصلة، بالإضافة إلى خطط صيانة دورية ومرونة في التعامل مع تقلب أسعار الوقود ونقص الكوادر الفنية.
خطة صندوق أوبك: تقييم شامل وبيئة جاذبة للاستثمار:
مصادر مطلعة في قطاع الطاقة أكدت لـ العربي الجديد أن خطة صندوق أوبك تعتمد على تقييم دقيق لواقع القطاع، وتحديد أولويات الإصلاح لتحقيق أقصى استفادة من المحطات الحالية. كما تهدف الخطة إلى تهيئة بيئة جاذبة للاستثمار المحلي والدولي، خصوصاً من خلال مشاريع المنتج المستقل للطاقة التي تسمح للقطاع الخاص بالدخول بقوة في عملية الإنتاج.
تحديات أمام إعادة تأهيل قطاع الكهرباء في سوريا:
ورغم الطموح الذي تحمله الخطة، إلا أن التحديات تبقى كبيرة، من بينها:
1- العقوبات الاقتصادية الدولية
2- ضعف البنية التحتية
3- القيود الأمنية
4- فجوة التمويل بين الاحتياجات والإمكانات
ما يجعل من الضروري اعتماد خطط مرنة تتضمن مراحل تنفيذ واضحة لتجنب فشل المشاريع أو توقفها.
مستقبل الكهرباء في سوريا: التفاؤل الحذر:
في ظل التصريحات المتفائلة حول إعادة تأهيل الكهرباء في سوريا، يرى مراقبون أن القطاع يُشكل اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الجهات الدولية على تنفيذ مشاريع في بيئة معقدة ومليئة بالتحديات، وأن الوقت وحده كفيل بإثبات ما إذا كانت هذه الوعود ستتحول إلى مشاريع ملموسة تنعكس إيجاباً على حياة المواطنين والاقتصاد السوري.
إقرأ أيضاً: ريف دمشق يواجه فوضى الكهرباء والمياه: ضعف التنسيق يزيد المعاناة
إقرأ أيضاً: رفع مرتقب لأسعار الكهرباء في سوريا بنسبة تصل إلى 800% يشعل غضب الشارع