بطاقات “فيزا” و”ماستركارد” وهمية تربك السوريين.. وحكومة دمشق تحذر
تزايدت في الأيام الأخيرة على منصات التواصل الاجتماعي موجة من الأخبار المضللة التي روّجت لعودة التعاملات المصرفية العالمية إلى سوريا، عبر ما قيل إنها بطاقات ائتمانية جديدة من نوع “فيزا” و”ماستركارد” تُصدر محليًا بواسطة تطبيق “شام كاش”.
هذا الادعاء، الذي لاقى صدى واسعًا بين السوريين الباحثين عن حلول لأزمة السيولة الخانقة، سرعان ما تبيّن أنه مجرد وهم رقمي، سرعان ما بددته تصريحات رسمية حذّرت من عمليات احتيال تستغل حاجة الناس ورغبتهم في العودة إلى التعامل المالي العصري.
وهم الحل السحري في اقتصاد متداعٍ
الصور المتداولة على المنصات الاجتماعية أظهرت بطاقات تحمل شعارات عالمية لفيزا وماستركارد، مرفقة بوعود بإتاحة الدفع الإلكتروني والشراء عبر الإنترنت.
لكن هذا الحلم لم يدم طويلًا؛ إذ أكد مدير الحماية الرقمية في وزارة الإعلام، حسن المختار، أن كل ما يُنشر حول إصدار بطاقات مصرفية عالمية عبر تطبيقات محلية هو “محض أكاذيب”، مشيرًا إلى أن الجهات الرسمية تتابع مروجي هذه الأخبار لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
وأوضح المختار أن الهدف الحقيقي من هذه المنشورات هو الاحتيال الرقمي عبر سرقة بيانات الدخول إلى الحسابات المصرفية واستغلالها لسحب الأموال، محذرًا المواطنين من مشاركة أي معلومات مالية حساسة خارج مراكز الخدمة المعتمدة.
انعكاس لعزلة مالية ممتدة
ويرى مراقبون أن سرعة انتشار هذه الشائعة تعكس حجم اليأس المالي الذي يعيشه السوريون، بعد أكثر من عقد من العزلة المصرفية التي فرضتها العقوبات الدولية على النظام المالي السوري.
فمنذ عام 2011، انقطعت معظم البنوك المحلية عن نظام المراسلة الخارجية، ما جعل الحصول على خدمات مثل “فيزا” و”ماستركارد” شبه مستحيل، وأجبر السوريين على الاعتماد على التحويلات غير الرسمية أو حمل كميات ضخمة من النقد لإجراء أبسط المعاملات اليومية.
وفي ظل تدهور الليرة السورية التي تجاوز سعر صرفها في السوق السوداء حاجز 11,600 ليرة للدولار الواحد، لم تعد الأوراق النقدية تمثل سوى عبء مادي على المواطنين، بينما تحوّل أي وعد بالعودة إلى المعاملات المصرفية الإلكترونية إلى أملٍ يتمسك به كثيرون.
اتفاق أولي يثير التساؤلات
وكان مصرف سوريا المركزي قد أعلن قبل أسابيع عن توقيع مذكرة تفاهم مع شركة “ماستركارد” الأميركية، بهدف بحث إمكانية إدخال أنظمة دفع إلكترونية حديثة إلى السوق المحلية، في خطوة وصفتها بعض الأوساط المالية بـ”التاريخية”.
إلا أن الاتفاق لا يزال في مراحله التأسيسية الأولى، ولم تُعلن بعد أي آلية تنفيذية واضحة أو جدول زمني لتفعيله، ما يجعل التوقعات حول إعادة دمج سوريا فعليًا في النظام المالي العالمي سابقًا لأوانها.
بيئة خصبة للاحتيال الرقمي
وتشير التحذيرات الرسمية إلى أن ضعف البنية التحتية الرقمية وغياب الوعي الأمني الإلكتروني في البلاد يجعلان البيئة المحلية مهيأة لانتشار أساليب الاحتيال المالي، خاصة في ظل غياب منظومة قانونية متطورة لحماية المستهلكين.
ويرى خبراء أن ما حدث مؤخرًا ليس سوى جرس إنذار جديد حول هشاشة الثقة بين المواطن والمنظومة المصرفية، وأن أي مبادرات أو مشاريع مالية جديدة ينبغي أن تصدر حصريًا عن الجهات الرسمية وبخطوات مدروسة لتفادي سقوط المواطنين في فخاخ إلكترونية جديدة.
خاتمة
في النهاية، تبقى قصة “البطاقات الوهمية” مرآة للواقع المالي السوري؛ واقع يبحث فيه المواطن عن وسيلة تحفظ ما تبقّى من قدرته الشرائية، في حين لا يزال الطريق طويلًا نحو استعادة الثقة بالقطاع المصرفي وإعادة دمج البلاد في النظام المالي الدولي.
اقرأ أيضاً:مصرف سوريا المركزي يمنح البنوك مهلة 6 أشهر لمعالجة خسائر الأزمة اللبنانية