العراق يتوسط بين دمشق و”قسد”: محادثات حول الاندماج العسكري وتقاسم عائدات النفط
كشفت مصادر مطلعة في مستشارية الأمن القومي العراقي عن إطلاق جهود وساطة نشطة من العراق بين الحكومة السورية الانتقالية وقيادة “قوات سوريا الديمقراطية (قسد)”، بهدف معالجة الملفات الخلافية العالقة، وعلى رأسها ملفا الاندماج العسكري وتقاسم عائدات النفط في شمال شرقي سوريا.
محادثات سرية انطلقت من السليمانية:
وبحسب ما نقلته إذاعة مونت كارلو الدولية، فإن مستشارية الأمن القومي وجهاز المخابرات العراقي يقودان هذه الوساطة، وقد بدأت المحادثات الأولية في مدينة السليمانية، بمشاركة ممثلين عن بغداد وقيادة “قسد”.
لاحقًا، شملت اللقاءات مسؤولين من وزارة الدفاع السورية وجهاز المخابرات، إلى جانب قيادات رفيعة من “قسد”، في إطار سعي العراق لتمهيد أرضية تفاهم مشترك بين الطرفين.
محوران رئيسيان للوساطة: الاندماج والنفط:
تركز الوساطة العراقية على محورين أساسيين:
1- الاندماج العسكري: دراسة دمج مقاتلي “قسد” ضمن تشكيلات الجيش السوري، مستفيدين من تجربة العراق في دمج القوات الكردية بعد عام 2003.
2- تقاسم عائدات النفط: التوصل إلى اتفاق حول إدارة وتوزيع موارد النفط في مناطق شمال شرقي سوريا التي تسيطر عليها “قسد”، بما يضمن عدالة التوزيع وإشراف الدولة.
بغداد تعرض تجربتها مع إقليم كردستان كنموذج:
ويرى مراقبون أن التحرك العراقي متأثر بـ النجاح السياسي والاقتصادي الذي حققه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في التوصل إلى اتفاق مع حكومة إقليم كردستان، والذي تم بموجبه وضع عائدات النفط تحت سيطرة الحكومة المركزية.
وتسعى بغداد إلى تقديم هذا النموذج كمرجعية لسوريا، في ظل الانقسامات الداخلية والصراع بين الحكومة السورية الانتقالية و”قسد”، خاصة في ظل تعقيدات الملف النفطي في منطقة شرق الفرات.
دوافع إقليمية وسياسية وراء الوساطة العراقية:
يرتبط هذا التحرك العراقي بعدة أهداف أوسع، أبرزها:
1- استعادة الدور الإقليمي للعراق بعد تراجع حضوره في الملفات الإقليمية، خاصة عقب تأجيل مؤتمر بغداد الثالث.
2- تنفيذ بنود الاتفاق العراقي–التركي الأخير، الذي نص على دعم تسوية المشكلات الإقليمية.
3- الحفاظ على أمن العراق الداخلي من أي انعكاسات ناتجة عن تصعيد محتمل بين دمشق و”قسد”.
الاتفاق السوري – الكردي قد يسرّع انسحاب القوات الأمريكية:
بحسب ما تراه الحكومة العراقية، فإن نجاح هذه الوساطة في تحقيق اتفاق شامل بين النظام السوري و”قسد”، قد يفتح الباب أمام انسحاب تدريجي للقوات الأمريكية من كل من سوريا والعراق، وهو هدف استراتيجي تعمل عليه بغداد منذ أشهر، بدعم من قوى داخلية وخارجية.
الخارجية العراقية: ندعم سوريا لأمننا المشترك:
في هذا السياق، أكد فؤاد حسين، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي، خلال مشاركته في منتدى حوارات البحر المتوسط في نابولي، أن العلاقات بين العراق وسوريا “طبيعية وتشهد تطورًا مستمرًا”، مضيفًا أن بغداد تدعم دمشق لأن استقرار سوريا يصب بشكل مباشر في أمن العراق والمنطقة.
وأشار حسين إلى وجود زيارات رسمية متبادلة بين الجانبين، وأن العراق يعمل على ترجمة هذا التعاون إلى خطوات ملموسة تصب في مصلحة البلدين.
هل تنجح الوساطة العراقية في تقريب دمشق و”قسد”؟
تبقى نتائج الوساطة العراقية رهينة الظروف السياسية والعسكرية الإقليمية، إلا أن دخول بغداد على خط التفاوض بين دمشق و”قسد” يمثل تحولًا لافتًا في دور العراق الإقليمي، ويعكس رغبة واضحة في تصدير نموذج ناجح لمعالجة الملفات الشائكة في المنطقة، وفي مقدمتها النفط، السلاح، والتمثيل السياسي.
إقرأ أيضاً: فضل عبد الغني: سوريا أمام خطر انفجار داخلي جديد وسط تصاعد العنف والفوضى الأمنية
إقرأ أيضاً: سيهانوك ديبو: اللامركزية أمر واقع في سوريا والحوار هو الطريق الوحيد