داما بوست _ كاترين الطاس | لم يمضي أيام على تفجيرات أجهزة اتصالات لاسلكية “البيجر” و”آيكوم” في لبنان، والتي تسببت بارتقاء 37 شهيداً و2931 مصاباً، حتى شنت “إسرائيل” عدواناً جوياً على الضاحية الجنوبية لبيروت مستهدفة مبنىً سكنياً مؤلفاً من 8 طبقات في شارع مكتظ بالسكان بمنطقة الجاموس.
وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بارتقاء 31 شهيداً بينهم 16 من مجاهدي حزب الله أبرزهم: القادة أحمد محمود وهبي وإبراهيم محمد عقيل، بالإضافة إلى 68 إصابة، فيما أكد الدفاع المدني اللبناني انهيار مبنيين سكنيين في منطقة الجاموس جراء الغارة الإسرائيلية.
تصعيد غير مسبوق
الكاتب والباحث السياسي وعضو مجلس الشعب سابقاً “مهند الحاج علي” تحدث في تصريح خاص لـ “داما بوست” عن آخر التطورات السياسية والعسكرية في لبنان، ووضع سوريا خلال المرحلة المقبلة، قائلاً: “الكيان الصهيوني بدأ عملية تصعيد غير مسبوقة عبر التاريخ من هجمات الكترونية وهجمات مباشرة وزيادة بمعدل الاغتيالات في لبنان منذ يوم الثلاثاء وحتى الآن،
وهذا يعني أن ’إسرائيل’ اتخذت قراراً بالتصعيد وطبعاً لديها أهداف استراتيجية.”
وتابع: “أول هدف من أهدافها هو فصل جبهة جنوب لبنان وارتباطها كجبهة إسناد مع غزة لأنها تريد التفرُّد في غزة، وثانياً بعد الألم الذي تعرضت له نتيجة هجمات حزب الله سواء كان استهداف الوحدة 8200 أو تهجير أكثر من 250 ألف مستوطن من المستوطنات الموجودة في شمال فلسطين باتجاه الداخل والذين يشكلون عبئاً كبيراً على حكومة نتنياهو، بالإضافة إلى ذلك فإنه لا يوجد إنجازات عسكرية على الأرض في الميدان فنتنياهو لم يستطيع أن يحقق أياً من أهدافه الاستراتيجية سواء القضاء على المقاومة في غزة أو القضاء على بنيتها التحتية واغتيال قادتها أو حتى جعل غزة منطقة محايدة، هذه الأهداف التي وضعها منذ بداية العدوان على غزة، والآن وضع هدفاً رابعاً وهو إعادة المستوطنين بشتى الوسائل بما فيها العسكرية.”
3 خيارات للحرب
وأكمل الباحث حديثه: “اليوم حلف المقاومة فرض على الكيان الصهيوني حرب استنزاف طويلة استمرت قرابة العام ومازالت مستمرة حتى الآن، وفي حروب الاستنزاف هناك 3 خيارات:
1 _ إما أن تذهب إلى مفاوضات وهذا غير ممكن مع حكومة الاحتلال لأنها تريد ترميم صورة الردع وبالتالي تريد أن تدخل المفاوضات بمنطق القوة.
2 _ وإما أن تنتصر في هذه المعركة وهذا لا يمكن لأنه عبر التاريخ لم ينتصر أي جيش كلاسيكي أو نظامي ضد مقاومة في حرب استنزاف دائماً المقاومات هي التي تنتصر وهذه طبيعة الأعمال العسكرية.
3 _ التصعيد للذهاب إلى الحرب المفتوحة وهذا الذي اختاره نتنياهو.”
وأضاف الباحث: “ونحن تلمسنا من خطاب السيد حسن نصر الله أنه لن يدخل في هذه الدوامة سواء بالرد أو رد الفعل، بالتأكيد سوف يكون هناك ردود للمقاومة في لبنان على ما حدث من اعتداءات ولكن بما يخدم الأهداف الاستراتيجية لعملية الاستنزاف، أي لن نقدم الحرب المفتوحة هدية لنتنياهو لأنها سوف تضمن استمراره السياسي، وبنفس الوقت لن نسكت على ما يحدث وسوف يعاقب العدو أشد عقاب.”
سوريا قلب المعركة
وعند سؤاله عن وضع سوريا فيما يحدث، أجاب: “سوريا اليوم في قلب المعركة كونها البعد الاستراتيجي واللوجستي لحزب الله تحديداً، والعدو الصهيوني يدرك هذا الموضوع وقد قام منذ بدء عملية ’طوفان الأقصى’ بتصعيد هجماته ضد الجيش العربي السوري وحلفائه في سوريا، وتسربت بعض المعلومات من الصحافة الإسرائيلية عن سيناريوهات للهجوم البري على جنوب لبنان، أحدهما عمل عسكري متفرد من جهة لبنان، والثاني هجوم بري مشترك على سوريا ولبنان.”
خطة شديدة الخطورة!
وأردف قائلاً: “السيناريو الأول هو الهجوم الكلاسيكي على غرار ما حدث عام 2006 وهذا يستبعده القادة العسكريون الإسرائيليون لأنهم يعلمون أنهم سوف يدخلون جنوب لبنان في منطقة ملغمة ومفخخة ومليئة بالمقاومة، أما الثاني وهو الخطة الأشد خطورة أن يكون هجوم مشترك على لبنان وسوريا وقطع الإمدادات بين سوريا والحزب وقطع طريق بيروت دمشق وبعدها الانقضاض على الجنوب اللبناني من شمال الجنوب أي من الأراضي اللبنانية،” مشيراً إلى أن هذه الخطة في العلم العسكري تعتبر خطة أحلام لأن الكيان الصهيوني بحاجة إلى 3 مليون جندي لتنفيذها ولأن هناك قوى كبرى لدى سوريا تخزنها منذ فترة استعداداً لأي استفزازات عسكرية جدية على الأرض، وبالتالي عليه أن يقاوم الجيش العربي السوري ويقاوم ضربات المقاومة العراقية التي سوف تشترك في الدفاع عن سوريا وسوف يواجه حزب الله في البداية والنهاية.
معركة “عض الأصابع”
وتابع الباحث: “وبالتالي أنا أعتقد أن الخيارات صفر على الأرض بالنسبة للكيان الصهيوني لأنه يعلم أنه غير قادر على المواجهة الميدانية لا مع سوريا ولا مع المقاومة العراقية ولا مع المقاومة اللبنانية لذلك هو يلجأ إلى خيار سحب المقاومة إلى ميدان عسكري هو يبرع فيه ويملك كل الوسائل المتطورة والحديثة فيه وهو سلاح التكنولوجيا والمسيرات لذلك نحن في معركة عض أصابع من يصرخ أولاً هو الذي سوف يتألم.”
وختم حديثه بالقول: “نحن بخير والمقاومة بخير وكل ما حدث من هجمات لن يؤثر على البنية العسكرية والترتيب القيادي للمقاومة وسوف نرى ان شاء الله ردود قريبة موجعة ومؤلمة للعدو وتؤدي إلى خدمة الهدف الاستراتيجي لعملية “طوفان الأقصى” والذي هو تحرير الأسرى والوصول إلى صفقة.”
اقرأ أيضاً: “آيكوم” بعد “البيجر”.. هل سيكون لبنان ساحة لاشتعال حرب عالمية ثالثة؟