وفد من الكونغرس في دمشق: تقارب محتمل ومراجعة لقانون قيصر
في تطور سياسي لافت، شهدت العاصمة السورية دمشق زيارة رسمية لوفد من أعضاء الكونغرس الأميركي، حيث التقى الوفد بالرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، في خطوة تعكس تغيرًا تدريجيًا في مسار العلاقات بين سوريا والولايات المتحدة بعد سنوات من القطيعة السياسية وفرض العقوبات.
هل اقترب إلغاء قانون قيصر؟
تأتي الزيارة في وقت تشهد فيه واشنطن نقاشًا حادًا حول مستقبل “قانون قيصر”، الذي يمثل إحدى أقوى أدوات الضغط السياسي والاقتصادي على سوريا منذ إقراره في عام 2019. وتشير التحليلات إلى وجود انقسام داخل الكونغرس الأميركي بين تيارين: الأول يدفع نحو الإلغاء الكامل والدائم للعقوبات، والثاني يطالب برفع مشروط بناءً على التزامات سورية محددة، خاصة في ملفات مكافحة الإرهاب وحقوق الأقليات.
زيارة تحمل أبعادًا سياسية:
ضم الوفد الأميركي شخصيات بارزة من مجلسي النواب والشيوخ، من بينهم السيناتور ماركواين مولين، والسيناتور جوني إرنست، بالإضافة إلى النائبين جايسون سميث وجيمي بانيتا. وتخللت الزيارة ملفات شائكة، أبرزها قضية المواطنين الأميركيين المفقودين في سوريا مثل الصحفية كايلا مولر والمصور أوستن تايس.
كما سبق الزيارة وصول النائب إبراهيم حمادة إلى دمشق، حيث التقى الرئيس الانتقالي أحمد الشرع وناقش قضايا إنسانية شديدة الحساسية، في اختبار حقيقي لمدى انفتاح الحكومة السورية واستعدادها للتعاون.
تغير في الموقف الأميركي تجاه دمشق:
يرى الخبير في إدارة الأزمات الدولية إسحاق أندكيان أن هذه الزيارة تشير إلى أن “قطار العلاقات” بين واشنطن ودمشق قد بدأ يتحرك. فالتواصل لم يعد مقتصرًا على اختبار النوايا، بل دخل في مرحلة بناء تفاهمات عملية قد تؤدي إلى تخفيف العقوبات الأميركية وربما إنهائها تدريجيًا.
ويضيف أندكيان أن التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وعودة عدد من الدول العربية للتطبيع مع دمشق، تدفع واشنطن إلى إعادة تقييم سياسة العزل التي انتهجتها لعقد كامل، وفق تصريح نقله عنه “نورث برس”.
عقبات داخلية في الكونغرس قد تؤخر التقارب
رغم هذا الانفتاح، ما تزال الخلافات داخل المؤسسة التشريعية الأميركية تشكل عائقًا حقيقيًا أمام أي مسار سريع. فبعض الأصوات المؤثرة في الكونغرس تصر على ربط رفع العقوبات بتحقيق تقدم ملموس في ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان وضمان أمن الحلفاء الإقليميين.
نحو إعادة صياغة العلاقة الثنائية؟
تُعتبر هذه الزيارة تحولًا نوعيًا في العلاقات الثنائية، فقد تناولت قضايا سياسية وأمنية وإنسانية، بما فيها التزامات دمشق في ملف مكافحة الإرهاب. ويعتقد مراقبون أن إظهار القيادة السورية جدية في التعامل مع هذه الملفات قد يمثل نقطة انطلاق حقيقية نحو إعادة صياغة العلاقة بين واشنطن ودمشق، وربما تخفيف الضغوط الاقتصادية التي تعاني منها سوريا منذ سنوات الحرب.
ورغم أن الطريق ما زال محفوفًا بالتحديات، إلا أن تحوّل الموقف الأميركي من “القطيعة إلى الحوار” لم يعد مجرد احتمال، بل بات جزءًا من نقاش علني داخل أروقة الكونغرس حول مصلحة الولايات المتحدة في الانفتاح على سوريا.
إقرأ أيضاً: نيوزويك: ما يحدث في سوريا وصمة عار على واشنطن وضمير العالم
إقرأ أيضاً: تقييم البنتاغون: الجيش السوري الجديد يفتقر للتماسك.. وتحذيرات من نفوذ متطرف في دمشق