مصادر طبية لداما بوست: نقص حاد في الدم يهدد حياة المئات في سوريا

داما بوست -خاص

تواجه سوريا واحدة من أخطر الأزمات الصحية في تاريخها الحديث، مع اقتراب بنوك الدم في عموم البلاد من التوقف الكامل خلال أيام، نتيجة نفاد أكياس نقل الدم الفارغة، ما ينذر بكارثة حقيقية تهدد حياة مئات المرضى يوميًا، في ظل انهيار شبه كامل للقطاع الصحي وعدم توفر أدنى مقومات الرعاية الطبية.

أزمة حادة بعد نقل تبعية بنوك الدم

بحسب مصادر طبية خاصة تحدثت لـ”داما بوست“، بدأت الأزمة بعد نقل تبعية بنوك الدم من وزارة الدفاع إلى وزارة الصحة دون خطة واضحة لتأمين مستلزمات التخزين والنقل.
غياب التنسيق، وفقاً للمصادر، أدى إلى فشل في استيراد أكياس الدم واللوازم الأساسية، وسط شح الإمدادات وانقطاع الكثير من المواد الطبية في مختلف المشافي الحكومية.

حياة المرضى في خطر: التلاسيميا والسرطان في واجهة الأزمة

القطاعات الطبية اليوم عاجزة عن تقديم الحد الأدنى من الرعاية، لا سيما للمرضى الذين يعتمدون على نقل الدم بشكل دوري مثل المصابين بالتلاسيميا وسرطان الدم.
في حديثها لـ“داما بوست”، قالت “رولا” إن بنك الدم الذي تقصده يرفض تزويدهم بالدم رغم وجود متبرعين، موضحة: “المتبرعين موجودين، بس ما في أكياس فارغة لحفظ الدم… الوضع كارثي.”

وأضاف “أحمد”، وهو شقيق مريض سرطان: “نحتاج كيسين دم كل يومين، بالكاد نأمن كيسين بالأسبوع. الوضع مأساوي.”

فيما أكدت “هبة” أن النقص لا يقتصر فقط على أكياس الدم، بل يشمل أيضًا مواد التحاليل المخبرية والأدوية المناعية، مشيرة إلى أن الإمدادات كانت تأتي سابقًا عبر وزارة الدفاع، لكنها توقفت بعد سقوط النظام السابق.

انهيار شامل في النظام الصحي

وفي شهادتها لـ”داما بوست”، وصفت “هنادي” الوضع داخل المستشفيات بأنه “مزرٍ في جميع النواحي”، وأضافت: “المعاناة تشمل كل شيء… حتى التعقيم والنظافة والكحول ما عادوا متوفرين بالشكل المطلوب.”

المواطن السوري اليوم يُجبر على تحمّل تكاليف إضافية لإجراء التحاليل في المخابر الخاصة، في ظل غياب الدعم الطبي وندرة المستلزمات، ما يزيد من الأعباء في بلد يعاني من أزمة اقتصادية خانقة.

مصادر طبية لـ”داما بوست”: إلغاء إلزام التبرع بالدم فجّر الأزمة

في السياق ذاته، كشف دكتور في وزارة الصحة السورية – فضّل عدم الكشف عن اسمه – أن إلغاء إلزام التبرع بالدم في المعاملات الرسمية مثل التسجيل الجامعي أو الحصول على رخصة قيادة، ساهم في الانهيار الحالي لبنوك الدم.

وقال المسؤول لـ”داما بوست”: “النظام السابق وفّر مخزونًا كافيًا من الدم والبلازما عبر إلزام المواطنين بالتبرع، وكان يتيح الحصول على ثلاث أكياس دم مجانية مقابل كل وصل تبرع… هذا النظام كان يُخفّف الضغط عن الأهالي والمشافي.”

وأكد أن الحكومة الانتقالية ألغت هذه السياسة دون وضع بدائل فعّالة أو تنظيم حملات تبرع، ما أدى إلى عجز حاد، واضطرار المرضى إلى البحث عن متبرعين بأنفسهم، وغالبًا دون جدوى.

وأضاف: “في كثير من الحالات، تتم العمليات دون إجراء التحاليل الكافية، ما يُعرّض المرضى لخطر انتقال الأمراض المعدية أو المزمنة، بل ويهدد مستقبل الأجيال الجديدة بضعف المناعة وتشوهات ولادية.”

الخصخصة الصامتة للقطاع الصحي

وحذّر المصدر الطبي من أن ما يحدث اليوم هو نوع من الخصخصة الصامتة للقطاع الصحي، قائلاً: “العلاج المجاني بات نادرًا، والمواطن يُجبر على دفع كل شيء… لا فحوصات متوفرة، لا أدوية كافية، ولا حتى أكياس دم فارغة. هذه ليست أزمة مؤقتة، بل انهيار كامل بحاجة إلى تدخل فوري.”

ومع غياب أي خطة طوارئ واضحة من قبل الجهات الرسمية، وتفاقم العجز في الكوادر والمستلزمات، تبدو سوريا على أعتاب أزمة صحية خانقة تهدد حياة آلاف المرضى، في وقت تتزايد فيه التحذيرات من انهيار المنظومة الصحية بالكامل إذا لم يُتدارك الوضع سريعًا.

إقرأ أيضاً: وزارة الصحة تتلقى 89 شكوى ضد المشافي الخاصة منذ مطلع العام

إقرأ أيضاً: انهيار المنظومة الصحية في سوريا.. وزير الصحة يحذر من خروج 40% من الخدمات

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.