لقاء رسمي سوري – إسرائيلي في باريس يثير جدلاً واسعاً وانتقادات حادة

أثار لقاء رسمي أعلنت عنه الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بين وزير الخارجية في الحكومة السورية الانتقالية، أسعد الشيباني، ووفد إسرائيلي في العاصمة الفرنسية باريس، عاصفة من الجدل والانتقادات الحادة على منصات التواصل الاجتماعي، مما دفع بالعديد من الشخصيات العامة والنشطاء للتعبير عن رفضهم التام لهذه الخطوة.

وبحسب ما نشرته “سانا”، فإن اللقاء الذي تم بحضور المبعوث الأمريكي توماس براك، يهدف إلى “مناقشة عدد من الملفات المرتبطة بتعزيز الاستقرار في المنطقة والجنوب السوري”.

 ردود الفعل على منصات التواصل الاجتماعي: 

لم يمر الخبر بشكل عادي، حيث تفاوتت ردود الفعل بين الرفض القاطع والتحليل السياسي، لكن الغالبية كانت منتقدة بشدة:

الدكتور محمد المختار الشنقيطي، الكاتب والأكاديمي الموريتاني والمعروف بتأييده للحكومة السورية الجديدة، وصف اللقاء الرسمي بأنه “تطبيع قبيح مع عدو مجرم”، مؤكداً أن التبريرات المقدمة هي “تسويغات فارغة” يمكن حلها عبر وسطاء، وشدد الشنقيطي على الروابط التاريخية والدينية التي تربط الشعب السوري بضحايا “الإبادة” التي يرتكبها العدو الإسرائيلي.

وذكر أيضاً أن الصهاينة وحلفاءهم من الأمريكيين والعرب لن يقبلوا صداقة من يقوم بذلك، وأن هدفهم هو تجريده من رصيده المعنوي.


الناشط السياسي بلال نزار ريان لفت إلى المفارقة التاريخية، حيث قال إن النظام السابق لم يجلس مع أي مسؤول إسرائيلي، بينما قام وزير الخارجية الجديد بذلك بعد أشهر قليلة من “التحرير”.

الدكتور الفلسطيني حذيفة عبد الله عزام، وجه انتقاداً لاذعاً من الناحية الشرعية والأخلاقية، متسائلاً: “من أفتى القوم بجواز الجلوس مع الوزراء الصهاينة، ومن أجاز لهم ذلك؟”، مشدداً على أن “الجلوس مع محتل الأرض ومنتهك العرض” أمر مرفوض.

الدكتور إبراهيم حمامي، الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني ومدير مركز الشؤون الفلسطينية بلندن، اعتبر أن اللقاء “مرفوض تماماً تحت أي مسمى”، لأنه يمنح “الاحتلال نافذة سياسية” في وقت يواصل فيه “ارتكاب جرائم حرب”. وحذر حمامي من تحول هذا اللقاء إلى “مقدمة لمسار تطبيعي جديد”، مشيراً إلى أن اللقاء تناول قضايا داخلية سورية مثل ملف السويداء، في حين تم تجاهل قضية الجولان المحتل.


الناشط أحمد عبد العزيز عبر عن صدمته من الخبر قائلاً: “إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم آجرنا في مصيبتنا، واخلف لنا خيراً منها.”

الكاتب الصحفي السوري أحمد دعدوش اعتبر أن هذا “الاجتماع الثاني” غير مقبول، مقترحاً أنه إذا كان التفاوض ضرورياً لمصلحة سوريا، فيجب أن يتم “عبر الوسطاء”. وحذر دعدوش من أن هذا اللقاء لا يقل خطورة عن “محور الشر الإيراني” أو “مشروع الإخوان لابتلاع الكوكب”، في إشارة إلى رفضه للتطبيع من أي جهة.

 

تحليل سياسي: “خرافة سياسية” أم “خطوة واقعية”؟

وقد تباينت الآراء حول دوافع هذا اللقاء الرسمي ومآلاته، يرى المحلل السياسي إبراهيم الجبين في تصريح لقناة “الجزيرة” أن عدم بلورة المقابلات في مخرجات واضحة يعني أنها “بلا قيمة” وتعد مكافأة لإسرائيل على تدخلها في دمشق.

ووصف الاستعانة بإسرائيل لحل أزمة الأقليات بأنها “خرافة سياسية” تعكس عقلية الحكومة السورية الجديدة التي تتحرك ببراغماتية تفتقد للمبادئ، وأضاف أن الجلوس مع الإسرائيليين يعني أن تل أبيب “ستشارك في رسم سوريا الجديدة”.

من جهة أخرى، يرى بعض المحللين أن هذا اللقاء يمثل خطوة براغماتية في سياق سياسي معقد. فقد استثمرت إسرائيل في التمرد الحاصل في السويداء والساحل السوري لتهميش الدور الجيوسياسي لسوريا. ويرى الباحث لقاء مكي أن الوضع الإقليمي المعقد يفرض على دمشق القيام ببعض الأمور “الأكثر واقعية”.

لقاء “مجاني” ومخاطر مستقبلية

وعلى الرغم من ذلك، يرى لقاء مكي أن المكاسب قصيرة الأمد التي قد تراها دمشق من هذا اللقاء “قد لا تساوي أبداً المخاطر الكبيرة التي ستترتب على هذا المسار مستقبلاً”، ووصف لقاء باريس بأنه “خطوة واسعة كان يمكن تأجيلها” و”لقاء مجاني” لأن إسرائيل لم تدفع ثمنه.

يظل السؤال الأبرز هو ما إذا كان هذا اللقاء سيفتح الباب أمام المزيد من التواصل المباشر، أم أنه مجرد خطوة استثنائية لم تنجح في تبرير نفسها أمام الرأي العام، وما هي التبعات الحقيقية لهذه الخطوة على مستقبل سوريا وعلاقاتها الإقليمية؟

 

اقرأ أيضاً:أنس جودة: لقاء الشيباني بوفد إسرائيلي يعكس أزمة داخلية في سوريا

اقرأ أيضاً:من وراء الستار: هل أسعد الشيباني هو الحاكم الفعلي لسوريا؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.