داما بوست – مارينا منصور| أعلنت رئاسة الجمهورية العربية السورية عن إصابة السيدة الأولى أسماء الأسد بمرض الابيضاض النقوي الحاد “اللوكيميا” الذي يعد نوعاً من أنواع سرطان الدم، وباشرت السيدة الأولى بالخضوع للعلاج.
فما هو هذا المرض؟ وكيف تتم الإصابة به؟ وهل يوجد أمل بالعلاج؟
الإجابة في هذا المقال.
كيف تحدث الإصابة بـ”اللوكيميا”؟
اللوكيميا أو سرطان الدم هو سرطان ينشأ في الخلايا الجذعية الموجودة في نقي العظم، وعند الأطفال تكون الخلايا الجذعية قليلة وغير متمايزة بعد لكنها تملك إمكانيات كبيرة.
كما أن العديد من الخلايا الجذعية متخصصة وتستطيع إنشاء خلايا للأعضاء مثل الكبد والدماغ والقلب، وفي بعض الأنسجة قد تستمر بالانقسام لتتحول إلى خلايا جذعية متطورة في جميع أنحاء الجسم.
أما في مرحلة البلوغ، ولتكرار ولادة خلايا جديدة ومواكبة احتياجات الجسم، لدينا نقي العظم، إذ تتمايز الخلايا الجذعية فيه إلى عدة أنواع من خلايا الدم، منها كريات الدم الحمراء، والتي تحمل الأوكسجين إلى أعضاء الجسم، وأيضاً الصفيحات الدموية التي تساعد بوقف النزف، وأخيراً الكريات البيضاء التي تقوم بوظيفة الدفاع عن الجسم ضد الأجسام الضارة.
لدى حدوث خطأ بعملية تمايز الخلايا الجذعية أو ظهور طفرات ضارّة في “DNA” الخلية، لا تعود الخلايا قادرة على تدمير ذاتها، وتتجاهل الترتيب لتتضاعف دون تحكم، وتفقد وظيفتها الأصلية، وهذا ما يعتبر “خلايا سرطانية”.
لماذا تنتشر اللوكيميا لدى الأطفال؟
ما يجعل السرطان صعباً هو أنه ليس مرضاً واحداً فقط بل أكثر من مرض يحدث في أنواع مختلفة من الخلايا، واللوكيميا منتشرة بين الأطفال أكثر، والسبب أن اللوكيميا تسبب تعديلاً واحداً أو اثنين في الـ”DNA”، لكن باقي السرطانات تتطلب العديد من التعديلات، وهذا ما يسمح للوكيميا أن تنشأ أسرع من أنواع أخرى من السرطانات.
كما يمكن لبعض تعديلات الـ”DNA” أن تحدث في كريات الدم البيضاء خلال فترة نمو الجنين، ما يزيد خطر الإصابة بسرطان الدم مبكراً.
تعطّل الأنظمة الدفاعية في الجسم!
هجمات “اللوكيميا” تجعل الخلايا التالفة تتكاثر بالدم ونقي العظم، وتأخذ كل المساحة والموارد المتوفرة، وعندما لا يستطع نقي العظم إنتاج الكمية المطلوبة من الخلايا الوظيفية، يحدث نقص بخلايا الدم، ونقص الكريات الحمراء يؤدي لعدم حصول العضلات على كمية كافية من الأوكسجين، وانخفاض عدد الصفيحات يعني أنها لن تتمكن من إصلاح الجروح، ونقص الكريات البيضاء يعني ضعف الجهاز المناعي ويزيد مخاطر إصابة الجسم بالأمراض.
سرطان الدم النقوي الحاد
تختلف أنواع سرطان الدم “اللوكيميا” بين الحادة والمزمنة، وقد تكون لمفاوية حادة أو نقوية حادة، أو لمفاوية مزمنة أو نقوية مزمنة.
يحدث سرطان الدم النقوي الحاد في الدم ونقي العظام، وتزاحم الخلايا السرطانية الخلايا الطبيعية في نقي العظام فتدفعه إلى عدم إنتاج خلايا دم سليمة.
ويتطلب هذا النوع علاجاً فورياً بسبب التطور السريع وتجمّع الخلايا السرطانية التي تخرج من الدم وتنتشر إلى أعضاء أخرى.
وهو أكثر أنواع سرطان الدم الحاد شيوعاً لدى البالغين، وتظهر مظاهره السريرية من تكاثر خلايا الدم أو فشل نقي العظم الذي يؤدي إلى انخفاض في الخلايا الطبيعية فيشعر المريض بفقدان الطاقة بسبب نقص إنتاج خلايا دم طبيعية.
وينتشر إلى أجزاء أخرى في الجسم كالطحال والكبد والدماغ، وقد يؤدي إلى تضخم الكبد والطحال ونزيف وتورم اللثة، وقد يحدث فشل كلوي، كما يحدث نقص في الخلايا البيضاء “العدلات”، وتظهر مظاهر جلدية معدية كالبثور أو الالتهابات القيحية الجلدية الطفيفة، ويحدث ضعف ووهن عام في الجسم، وخفقان أو تسارع ضربات قلب، وضيق تنفس عند بذل الجهد، كما يسهل تعرّض الجسم للكدمات بسبب نقص الصفيحات الدموية.
هل يمكن الشفاء من اللوكيميا؟
لاستعادة الوظيفة الطبيعية للدم، لا بد من القضاء على الخلايا السرطانية، لكن اللوكيميا ليست من الأورام الصلبة لا يمكن إزالتها جراحياً، وبدلاً عن ذلك يمكن قتل هذه الخلايا باستخدام علاجات مختلفة.
يتم استخدام العلاج الكيميائي، ومزيج من الأدوية التي تعمل على إيقاف التضاعف السريع للخلايا، لكن السلبية في الموضوع أن هذا الأمر يؤثر على الخلايا السليمة أيضاً، كالخلايا الموجودة في بصيلات الشعر ولذلك نلاحظ تساقط شعر لدى مريض السرطان الذي يخضع لعلاج.
وفي بعض الحالات تكون الجرعات عالية جداً لتتمكن من القضاء على كل خلايا نقي العظم غير السليمة بما فيها الخلايا الجذعية، وعندها لا يعود الجسم قادراً على توليد خلايا دم جديدة من تلقاء نفسه، وفي هذه الحالة يمكن اللجوء إلى زراعة خلايا جذعية من خلال متبرع بنقي العظام.
عملية التبرع تعتبر معقدة وتتطلب توافقاً بين الجهة المانحة والجهة المتلقية للمحافظة على الخلايا الجديدة المزروعة من مهاجمة خلايا المريض نفسه بوصفها أجساماً غريبة، ولدى زرعها داخل جسم المريض تعوّض نقص نقي العظم وخلايا الدم.