داما بوست – الإعلامي: جمال ظريفة
على مدى عقود من الإجرام الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني، منذ عام 1948، وما قبل النكبة، ورغم السجل المكتظ بالمجازر والقتل وسفك الدماء وقتل الأبرياء، لم تصل “إسرائيل” إلى حد تقف فيه أمام محكمة دولية، تحاسبها على تلك الجرائم، وحتى أيام الاتحاد السوفيتي، وتوازن القوى لم نفكر حتى في إمكانية إدخال الكيان الغاصب قفص الاتهام أمام مرأى ومسمع العالم.
تعاطف شعبي ودولي منقطع النظير مع الدماء التي تسفك يومياً على أيدي جزار متعطش للدم العربي، حتى عُتات التاريخ لم يصلوا إلى ما وصل إليه قادة الكيان الصهيوني الفاشي.
جلسات استماع بدأتها محكمة العدل الدولية قبل أيام بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات “إسرائيل” في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي جاءت في سياق طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة الحصول على فتوى قانونية من المحكمة حول آثار الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على الأراضي الفلسطينية حركته جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
إحاطات 52 دولة ستدلي بدلوها أمام المحكمة، بالإضافة إلى الاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي، وجامعة الدول العربية، وستقوم كل دولة ومنظمة بتقديم رأيها خلال جلسات الاستماع.
المحكمة هي الهيئة القضائية الرئيسية للأمم المتحدة وذراع العدالة الدولية ومن واجباتها الرئيسية حل المنازعات القانونية التي تنشأ بين الدول وفقا للقانون الدولي، وإبداء الرأي الاستشاري في المسائل القانونية المحالة إليها حيث ستقدم المحكمة رأيا استشاريا غير ملزم بشأن هذه المسألة فيما يتعلق بالعواقب القانونية لسياسات “إسرائيل” وممارساتها في فلسطين المحتلة.
وعلى الرغم من أن الفتاوى ليست ملزمة، فإنها مهمة جداً، لأنها تعكس رأي محكمة العدل الدولية بشأن تلك القضية، وبينما تشير إلى الكيفية التي قد تتخذ بها المحكمة قراراً في القضايا المحتملة، فهي فعالة أيضا في خلق ضغط سياسي على الدول التي تعارض الفتوى.
وفي الفتوى القانونية، لا يوجد تمييز بين المدعى عليه والمدعي، وتعرب محكمة العدل الدولية عن رأيها في الأسئلة التي تطرحها هيئات أو منظمات الأمم المتحدة فيما يتعلق بمجالات نشاطها.
ففي حين أن الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد “إسرائيل” أمام محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية تعني منازعة قضائية بين طرفين، فإن جلسات الرأي الاستشاري لا تمثل قضية تواجه فيها دولتان بعضهما بعضا حيث يحق للدول الأعضاء في الأمم المتحدة الإدلاء ببيانات مكتوبة وشفوية بشأن القضايا التي تطلب بشأنها آراء استشارية.
وهنا تبرز الأهمية فكثيرة هي البلدات التي ستلقي بياناتها، وعلى الملأ سيتم توصيف الجرائم الصهيونية بحق الأبرياء وستتم تعرية “إسرائيل” ليس قانونياً فحسب بل أخلاقياً أيضاً وستظهر للعالم أجمع الفظائع المرتكبة وبشكل رسمي .
ورغم أن الحدث يشكل سابقة في التاريخ، من حيث إدلاء هذا العدد الكبير من الدول بإحاطات مكتوبة وشفوية في الفتوى أمام محكمة العدل الدولية، فإن “إسرائيل” التي أدلت ببيان مكتوب، لن تشارك في جلسات الاستماع الشفهية.
وقدمت 57 دولة ومؤسسة دولية بياناتها المكتوبة إلى محكمة العدل الدولية، تتضمن مواقفها بشأن الأسئلة التي سيتم تقديم آراء استشارية بشأنها.
وإذا ما قدمت محكمة العدل الدولية رأيا قالت فيه: “إن الاحتلال مخالف للقانون الدولي، فمن المرجح أن تتزايد الضغوط على “إسرائيل”، وأن تضطر الدول التي تؤيدها علنا إلى إعادة النظر في موقفها”.
طبعا في مجلس الأمن وكما هو معروف للجميع لا يمكن تمرير أي مشروع قرار يدين الجرائم الصهيونية، أو حتى يطالب بوقفها، ولا حتى بإدخال مساعدات إنسانية، طبية كانت أم غذائية، كون الولايات المتحدة الداعم الأساسي لتلك المجازر، تتمتع بحق النقض الفيتو والتي استخدمته 3 مرات لإحباط أي محاولة لإيقاف المجزرة المفتوحة بحق الشعب الفلسطيني الأعزل إضافة لعرقلة مشروعي قرارين تقدمت بهما روسيا.
وكان آخرها مشروع القرار الجزائري والذي أيدته 13 دولة وامتنعت بريطانيا عن التصويت لكن الفيتو الصهيوني في مجلس الأمن عرقل المشروع واحبط المحاولة لوقف سفك دم الأبرياء.
كثيرة هي المعطيات والحيثيات التي يمكن طرحها أمام المحكمة الدولية لإنهاء آخر استعمار في القرن الحالي في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 وكي يعلم العالم الذي تسيطر عليه وسائل إعلام موالية للصهيونية أن هناك شعباً يعاني ويلات الاحتلال والاستعمار ويجابه الصواريخ والقنابل والفوسفور واليورانيوم المنضب بصدر عار ودون طعام أو شراب وحتى مأوى فلعل وعسى أن يتحرك ضمير الإنسانية وتظهر الحقيقة التي يعرفها الجميع لكن يغضون الطرف كونها تخص “إسرائيل”.