داما بوست- خاص تضع أمريكا “الشرق الأوسط” على حافة الانهيار بأفعالها القبيحة، وتصوراتها الخبيثة حول ترتيب العالم والمنطقة وفق استراتيجياتها الطويلة الأمد، وتحقيق غاياتها ومصالحها وأهدافها بالتعاون مع أدواتها، ولذلك تراها تعمل على استدامة الفوضى في المنطقة والعالم، وفي الفيتو الأخير التي رفعته في مجلس الأمن لمنع وقف الحرب الصهيونية على غزة دليل على ذلك.
تحدث الجميع طويلاً عن وباء كوفيد، الذي خرج من مختبرات الولايات المتحدة وتم التسويق له عالمياً، وما بعد كوفيد يبدو مرهق أكثر، ويعاني الوضع العالمي من ضائقة مالية، وعسكرة غوغائية لأمريكا وتسليح لمن يحقق غاياتها وينفذ أجندتها في المنطقة الشرق أوسطية والعالم ككل.
وهنا يبدو الوضع في نهاية المطاف أكثر خطورة مما كان عليه لعقود من الزمن، وسيطغى على كل ذلك قوة عظمى مبعثرة، واهنة، مشتتة في أفضل الأحوال بالانتخابات الرئاسية القادمة لكنها موحدة على فعل القبائح ودعم العدوان وأجندات التخريب والتطرف السياسي والعسكري في المنطقة.
إن احتمال انشغال الولايات المتحدة بصدماتها الخاصة يزيد من خطورة كل خطر، وسيكون المعطى الجيوسياسي لرد فعل الولايات المتحدة غائباً، وهو ما من شأنه أن يغذي الطموح الاستبدادي، أو الانقلاب الجذري للنظام العالمي، عام 2024 قد يجعل عام 2023 يبدو عقلانياً وأكثر وضوحاً وأفضل في الفوضى التي تتعاظم في العام ، وتريد خلق عالم جديد، عنوانه أمريكا لوحدها فقط وبعدها الطوفان، أمريكا أولاً كما ينادي حزب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
الهجوم الإسرائيلي البربري على غزة وضع المنطقة على طريق حريق إقليمي كبير تتوضح معالمه يوماً بعد يوم، ويخشاه كثيرون، حتى الغرب نفسه الذي يدعم أجندات الكيان في المنطقة بات يخاف من تبعات الحريق الكبير الذي تشعله أمريكا وحليفتها “إسرائيل” في الشرق الأوسط، والذي ينذر بالتمدد لبقية أرجاء العالم.
ويشهد مجلس الأمن منذ سنوات انقساماً كبيراً بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهو لم يتمكّن منذ 7 تشرين الأول إلا من تبني قرارين حول هذه القضيّة، هما في الأساس قراران طابعهما إنساني.
في المقابل، تريد أمريكا من حليفتها أن ترمم قواتها وتأخذ نفساً عميقاً لذلك اقترحت الولايات المتحدة مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يؤكد على “دعم المجلس لوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة في أقرب وقت ممكن”، على خلاف ما تطلبه الجزائر وهو وقف شامل فوري، ما جعل أمريكا ترفع الفيتو رافضة، لأن ذلك لا يناسب وضع حليفتها المهزومة.
وتنص مسودة مشروع القرار أيضاً على أنه “في ظل الظروف الحالية، فإن أي هجوم بري كبير على رفح سيلحق المزيد من الأذى بالمدنيين وقد يؤدي لنزوحهم إلى دول مجاورة.
واستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية، حق النقض “الفيتو” مرة أخرى ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي بشأن الحرب الصهيونية على غزة، ما عرقل المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في القطاع لأسباب إنسانية.
وحظي مشروع القرار بتأييد 13 عضواً في مجلس الأمن مقابل اعتراض عضو واحد هي الولايات المتحدة، وإحجام عضو آخر عن التصويت هو مندوب بريطانيا.
التبرير الأمريكي جاء باهتاً وغير منطقي، حيث قال البيت الأبيض إن “واشنطن لم تتمكن من دعم قرار مجلس الأمن الدولي لأنه كان سيعرض محادثات حساسة للخطر”، وهذا كلام مضحك وغير مقبول في ميزان العقل السياسي والعسكري، لأن وقف الحرب هو السبيل الوحيد لبدء مفاوضات مثمرة وجادة على جميع الأصعدة ومنها تبادل الاسرى بين الطرفين.
ولم يوضح البيت الأبيض إذا كانت المحادثات هي محادثات وقف إطلاق النار الجارية، والتي تتوسط فيها قطر ومصر بين الاحتلال والمقاومة أم محادثات أخرى.
ويبدو أمن مشروع القرار الجزائري لم يرق للولايات المتحدة، فهو ينص على المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، ويرفض مشروع القرار التهجير القسري للسكان المدنيين الفلسطينيين، ويطالب جميع الأطراف في الحرب في قطاع غزة بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.