“الموساد” .. إرهاب عابر للحدود وللقوانين

أديب رضوان

لم تكن جريمة اغتيال القائد “صالح العاروري” نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية “حماس” ورفاقه مؤخراً باستهداف مكتب الحركة في بيروت، أو استهداف المستشارين الإيرانيين بدمشق أمس، أولى جرائم كيان الاحتلال المستندة إلى معلومات جهازها الإرهابي المسمى “الموساد”، صاحب السجل الأسود في جرائم الاغتيالات للشخصيات المناهضة للاحتلال في فلسطين المحتلة والعالم.

بل تاريخ حافل بالاغتيالات والجرائم الإرهابية التي ارتكبها “الموساد” الاسرائيلي بحق الشخصيات الفاعلة سياسياً واقتصادياً وعسكريا وحتى ثقافياً، منذ قيام كيان الاحتلال على الأرض الفلسطينية وحتى اليوم، إرهاب عابر للحدود والقوانين الدولية تحت ذرائع شتى ، يقوم به “الموساد” لتصفية قادة وسياسيين وعلماء وغيرهم ممن تعدهم ” إسرائيل” خطراً على كيانها ووجودها.

إلا أن هذا الجهاز الإرهابي الذي تفاخر فيه “إسرائيل” ، كشفت عملية “طوفان الأقصى” في السابع من شهر تشرين الأول 2023 ، فشله الذريع وإخفاقه في رصد تخطيط المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ،للعملية البطولية التي تمثلت باقتحام أبطال المقاومة للمستوطنات المحاذية لقطاع غزة خلال ساعات قليلة برا وبحرا وجوا، حيث تمكنت المقاومة الفلسطينية من السيطرة على تلك المستوطنات ولعدة ساعات، في عملية أطلق عليها “طوفان الأقصى”، وتم خلالها قتل المئات من جنود الاحتلال ومستوطنيه وأسر نحو 250 بينهم ضباط وجنود في قوات العدو الإسرائيلي.

ما وضع سمعة هذا الكيان الغاصب وأجهزته الاستخبارية العسكرية على المحك، وهو الذي ادعى بأنه صاحب “الجيش الذي لا يقهر”، الأمر الذي دفعه إلى تفعيل عصاه الطويلة ” الموساد”، خصوصاً بعد فشل الكيان الصهيوني في تحقيق أي هدف له من حربه المفتوحة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة والتي دخلت يومها الـ 107 أيام ، دون أي جدوى سوى قتل الأطفال والنساء والشيوخ وتدمير البنى التحتية الفلسطينية.

ولتعويض خسائر كيان الاحتلال اليومية في قطاع غزة ، جراء المقاومة الجبارة من قبل حركات المقاومة الفلسطينية وبسالة الشعب الفلسطيني، دفع الكيان بجهاز استخباراته “الموساد” ، ليعيد تكرار جرائمه الإرهابية بحق القادة والأبطال في المنطقة ، وكان آخر تلك الجرائم استهداف المستشارين الايرانيين بدمشق أمس واغتيال القائد العاروري باستهداف مكتب حركة المقاومة الفلسطينية ” حماس” في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أدى لاستشهاده مع ثلة من رفاقه مؤخراً.

جريمة جديدة للكيان الإرهابي وذارعه الإرهابي “الموساد” ، تضيف سطراً جديداً في سجله الأسود المليء بجرائم الاغتيالات الإرهابية في فلسطين المحتلة وفي المنطقة والعالم عموما، ولم تقتصر الاغتيالات الإسرائيلية على العسكريين أو السياسيين، بل طالت أدباء وعلماء أيضا.

“الموساد” سيء الصيت، كانت بدايات جرائمه باغتياله في شهر تموز 1972 الأديب والصحفي الفلسطيني غسان كنفاني ، عبر تفجير سيارته في بيروت بعبوة ناسفة، تلاها عشرات جرائم الاغتيالات، أبرزها اغتيال عدد من قادة حركة فتح ومنظمة التحرير في بيروت عام 1973 واغتيال الأمين العام لحزب الله عباس الموسوي في شباط عام 1992، باستهداف موكبه في بلدة تفاحتا في جنوب لبنان.

كما اغتال “الموساد” في مالطا وعن طريق إرسال وحدة كيدون المتخصصة في عمليات الاغتيال، الأمين العام السابق لحركة الجهاد الإسلامي الأسبق فتحي الشقاقي في تشرين الأول 1995، عبر إطلاق رصاصات في رأسه ، وفي شهر كانون الثاني من عام 1996 اغتيل مهندس كتائب القسام يحيى عياش، وفي الــ 12 من شباط 2008 اغتال الموساد القائد في المقاومة الوطنية اللبنانية عماد مغنية بتفجير سيارة مفخخة في دمشق.

جرائم “الموساد طالت” بين عامي 2010 و2012 العديد من العلماء النوويين الإيرانيين ومنهم مسعود محمدي أستاذ فيزياء الجسيمات في جامعة طهران، ومجيد شهرياري مؤسس الجمعية النووية الإيرانية، وداريوش رضائي، ومصطفى أحمدي روشن الذي كان يعمل في موقع نطنز النووي، ناهيك عن اغتيال العلماء السوريين والعراقيين أيضا في هذا السياق.

كيان الاحتلال الإٍسرائيلي يتاجر بالدم العربي عموما وبالفلسطيني خصوصا ويستبيحه ، دون أي رادع أخلاقي أو أي مساءلة قانونية، مستنداً في تغطية جرائمه على الدعم الأمريكي المفضوح والعلني، بل إن واشنطن تجاوزت مسألة الدعم السياسي والعسكري لكيان الاحتلال ووصلت حد المشاركة في جرائم الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني خصوصا والشعب العربي عموماً.