المشي.. “دواء صامت” يعيد تشكيل الدماغ ويطيل العمر المعرفي
هل تعلم أن مستقبلك العقلي يبدأ من “قدميك” وليس فقط من رأسك؟
لطالما نظرنا إلى المشي كرياضة بسيطة لإنقاص الوزن أو تحسين صحة القلب، لكن طبيب الأعصاب الأمريكي الشهير، أوستن بيرلماتر، كشف عن وجه آخر لهذا النشاط اليومي؛ فهو بمثابة “دواء صامت” يملك القدرة على إعادة هندسة دماغك بالكامل. واستناداً إلى أحدث البحوث العلمية، تبين أن المشي ليس مجرد حركة للجسم، بل هو إشارة بيولوجية قوية تحفز نمو خلايا عصبية جديدة، وتعمل كدرع واقٍ يحمي ذاكرتك من غبار الزمن وتحديات الشيخوخة.
كيف يمكن لخطواتك اليومية أن تزيد من “حجم” دماغك حرفياً؟
المفاجأة التي فجرها بيرلماتر تكمن في قدرة المشي على تحفيز منطقة “الحُصين”، وهي المركز المسؤول عن الذاكرة في الدماغ. ففي تجربة علمية مذهلة استمرت عاماً، اكتشف الباحثون أن الأشخاص الذين مارسوا المشي المنتظم سجلوا زيادة في حجم الحُصين بنسبة 2%، بينما عانت المجموعة التي اكتفت بتمارين التمدد من انكماش في هذه المنطقة. هذا يعني أن كل خطوة تخطوها هي بمثابة “جرعة نمو” تزيد من قدرة عقلك على تخزين الذكريات ومقاومة أمراض مثل الزهايمر.
ما هي “كلمة السر” التي يفرزها الجسم أثناء المشي لترميم الأعصاب؟
أثناء المشي، يفرز الجسم جزيئاً سحرياً يُعرف بـ (BDNF)، وهو بمثابة “سماد” طبيعي يغذي الخلايا العصبية ويضمن بقاءها وتحسين أدائها. هذه العملية، المقترنة بزيادة تدفق الأوكسجين والدم، ترفع من مستوى “اللدونة العصبية”؛ وهي قدرة الدماغ على إعادة تشكيل شبكاته لمواجهة التحديات الذهنية الصعبة. بعبارة أخرى، المشي يجعل دماغك أكثر مرونة وشباباً، ويقلل من الالتهابات التي تنهش في خلاياه بصمت.
هل أنت مستعد لتطبيق “روتين الثلاثين دقيقة” لإنقاذ ذاكرتك؟
لا يتطلب الأمر معدات معقدة أو اشتراكات باهظة، فكل ما تحتاجه هو 30 دقيقة من المشي معظم أيام الأسبوع. وينصح الطبيب بيرلماتر بأن تكون السرعة “متوسطة”، بحيث يمكنك التحدث ولكن يصعب عليك الغناء، ويفضل أن يكون ذلك في الهواء الطلق للاستفادة من ضوء الشمس وفيتامين (D). إن الالتزام بهذا الروتين البسيط يمثل استراتيجية ذهبية للحفاظ على استقلاليتك الذهنية وجودة حياتك، فكل خطوة هي استثمار في عقل لن يخذلك مع تقدم العمر.