نشاط دعوي مكثف يعيد تشكيل الهوية الدينية في سوريا

تشهد سوريا منذ أشهر حراكاً دعوياً متسارعاً، حيث بات حضور الفرق والجمعيات الإسلامية أمراً يومياً في الشوارع والمساجد والجامعات. وتشمل أنشطتها تنظيم ملتقيات دينية، ودورات شرعية، وتوزيع منشورات وكتيبات، إضافة إلى حملات واسعة لتوزيع الحجاب الشرعي مجاناً في المدن والبلدات، وصولاً إلى الجامعات.

ورغم اختلاف أساليب هذه الفرق، إلا أنها تشترك في هدف واحد: إعادة تشكيل الهوية الدينية للمجتمع السوري بعد سقوط النظام السابق، في ظل فراغ أيديولوجي واضح تحاول ملأه بخطاب ديني منظم.

فريق “يدعون للخير”: الأكبر انتشاراً في المحافظات السورية:

يُعد فريق “يدعون للخير”، بحسب ما نقل موقع “المدن” عن مصادر متابعة للشأن الدعوي، الأكثر نشاطاً وانتشاراً في المحافظات السورية، إذ توسّع حضوره في دمشق وحلب وحماة وحمص وبانياس وطرطوس واللاذقية وإدلب ودرعا، إضافة إلى عشرات البلدات الريفية.

في نوفمبر، نظّم الفريق دورة شرعية في كتاب “مهمات الدين” في حلب، شاركت فيها 370 امرأة، مع اختبارات نهائية وجوائز مالية بقيمة 50 دولار لكل فائزة.

يزوّد الفريق المدارس والمعاهد الشرعية النسائية بحجاب مجاني ضمن حملة “الخمار عبادة”، وينشر ملصقات عامة تدعو للحشمة والالتزام الديني.

سلسلة المكاتب الدعوية: عودة قوية بعد الإفلاس:

انطلقت سلسلة المكاتب الدعوية في إدلب عام 2018 وافتتحت 14 مركزاً خلال عامين قبل أن تتعرض للإغلاق بسبب الإفلاس عام 2020.

لكن بعد سقوط النظام، عادت المكاتب بقوة، وانتشرت في عدة محافظات بدعم فردي وتبرعات محلية.

ووفق مصادر من ريف حماة: 

1- أصبح المسجد المركزي للمشروع مسجد التوحيد في قلعة المضيق.

2- يستقبل المسجد “قوافل الدعاة” من الجنسين، ومعهم “سلّة علمية” تضم كتباً تساعدهم في نشاطاتهم.

3- يضم المسجد مكتبة إسلامية ضخمة بأكثر من 5 آلاف كتاب، ما يمنح النشاط الدعوي طابعاً ثقافياً وتراثياً.

“حملة الذهبي”: الأكثر إثارة للجدل وتوزع الحجاب في الجامعات:

برزت “حملة الذهبي” كأحد أكثر المشاريع الدعوية إثارة للجدل، إذ تركز حصرياً على توزيع الحجاب الشرعي مجاناً. ويدير الحملة شرعي مصري سابق في هيئة تحرير الشام، يستخدم اسم “الشيخ الذهبي”.

وزّعت الحملة آلاف الحجب في عشرات المدن، ووصلت حتى دير الزور شرقاً. وتوسعت مؤخراً داخل جامعات حلب واللاذقية ودمشق، مع إقبال واضح من الطالبات.

توثق الحملة نشاطاتها بفيديوهات تظهر “قوافل نسائية” ترتدي الحجاب الشرعي الكامل (عباءة ونقاب)، وتؤكد أنها لا تفرضه بل تلبّي طلب من يرغب به.

مشهد دعوي يتوسع… ومستقبل التحولات مفتوح:

يبدو أن هذا النشاط الدعوي المتزايد يعكس تحولاً عميقاً في البنية الاجتماعية والدينية لسوريا الجديدة. فالفراغ الذي تركه سقوط النظام السابق منح هذه الفرق مساحة واسعة لملء المشهد بأفكارها وبرامجها.

ومع اتساع الحملات الدينية وتزايد حضور الفِرق في المدن والجامعات، فـ إلى أين يتجه هذا المد الدعوي؟ وهل سيؤثر بشكل جذري في الهوية الدينية والاجتماعية لسوريا في لحظة تاريخية مفصلية؟

إقرأ أيضاً: رجل يُشعل الجدل في دمشق: ما نراه اليوم لا يُبشّر بالخير

إقرأ أيضاً: العلويون في سوريا: من التهميش إلى محاولات التغيير والمطالبة بالتمثيل

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.