أزمة القمامة في دمشق: من مشكلة خدمية إلى هاجس يومي يهدد الصحة العامة
لم تعد أزمة القمامة في بعض أحياء العاصمة السورية دمشق مجرد مشكلة خدمية عابرة، بل تحولت إلى مشهد يومي يثقل حياة السكان.
فالحاويات الممتلئة والساحات التي باتت مكبات مفتوحة، تصاحبها روائح كريهة وانتشار للحشرات والقوارض، وسط غياب أي خطة واضحة ومستدامة من البلديات.
معاناة السكان والمحال التجارية
تتعدد قصص السكان حول هذه الأزمة التي أصبحت جزءاً من حياتهم اليومية. في حي العدوي.
تقول أم محمد إن نوافذ شقتها تطل على ساحة عامة تحولت إلى مكب للنفايات، ما يجعل فتحها أمراً مستحيلاً بسبب الرائحة القوية والذباب.
وعلى الرغم من شكواها المتكررة للبلدية، فإن الاستجابة كانت مؤقتة ومحدودة.
ولا يختلف الوضع بالنسبة للمعلمة هبة جبر، التي تعيش في نفس الحي، وتجد نفسها مضطرة لرمي أكياس القمامة على الأرصفة بجانب الحاويات الممتلئة باستمرار، معتبرة أن هذه المهمة أصبحت “تحديًا يوميًا”.
ويتكرر المشهد في أحياء أخرى، حيث تشكو سمية سعود من حي مساكن برزة من تراكم القمامة أمام منزلها، مما يعيق حركتها.
وعلى الرغم من شكاوى الأهالي، لم تستجب البلدية لمطالبهم بجمع القمامة بشكل منتظم.
كما أن الأزمة طالت أصحاب المحال التجارية. في شارع خالد بن الوليد.
يرى منتصر نجار، صاحب محل ألبسة، أن رائحة القمامة تؤثر سلبًا على حركة البيع، حيث “لا يبقى الزبائن طويلاً في المحل بسبب الرائحة والذباب”.
ويضطر نجار إلى استخدام البخور ومعطرات الجو باستمرار لحماية بضاعته
تحذيرات صحية وبيئية
حذر الدكتور مازن الشهابي، اختصاصي الأمراض الداخلية، من تفاقم المشكلة وتحولها إلى مصدر للأمراض.
وأوضح أن النفايات المتراكمة تعد بيئة مثالية لتكاثر الحشرات والقوارض، مما يزيد من احتمالات انتقال أمراض مثل التيفوئيد والليشمانيا.
وأشار الشهابي إلى أن المشكلة الأكبر تكمن في العصارة الناتجة عن تحلل النفايات، والتي قد تتسرب إلى شبكات الصرف الصحي والمياه الجوفية، مسببة أمراضًا معوية وبكتيرية مزمنة، بالإضافة إلى مشاكل الجهاز التنفسي التي تسببها الروائح الكريهة
أزمة إدارية وحلول غائبة
يرى سكان دمشق أن الأزمة لم تعد مجرد مشكلة جماليات أو روائح، بل أصبحت انعكاسًا لخلل إداري عميق وغياب للمسؤولية الحكومية.
ومع استمرار التجاهل وعدم وجود خطة واضحة ومستدامة، يخشى الأهالي أن تتحول أزمة القمامة من إزعاج يومي إلى كارثة صحية وبيئية طويلة الأمد.
إقرأ أيضاً: جرمانا: حاويات القمامة.. مرآة فشل السلطة في إدارة الخدمات الأساسية
إقرأ أيضاً: أزمة مياه في مدينة حمص: تفاقم المشاكل والحلول الممكنة