جميع الطروحات والتحليلات والسيناريوهات التي تتفتق بها قرائح المحللين السياسيين والعسكريين في الكيان الصهيوني تقود لطريق واحدة وهي الخسارة والهزيمة المحققة للاحتلال في الشمال مهما حاول أن يفعل ليكسب حرباً وانتصاراً مزعوماً في مجمل الصورة العامة ومجريات الأحداث العسكرية في الميدان.
وإذا تدهورت “إسرائيل” وسقطت في مستنقع مواجهة عسكرية أوسع مع حزب الله في الأسابيع القادمة، أو لبضعة أيام قتالية ستحل الكارثة في قلب الكيان، في أيام حساسة في غزة تنوح فيها النائحة على جنود الاحتلال.
فتح حرب واسعة، لا شك يلبي تطلعات بعض من وزراء حكومة الاحتلال وقسم من جمهور الإسرائيليين، لكنها لن تحقق أحلام الاحتلال في دخول لبنان أو إبعاد حزب الله المقاوم من المشهد، كما يمني النفس البعض في الكيان ممن يؤيدون هذا السيناريو الذي سيجر الويلات على كيان الاحتلال.
وفي هذه الأيام، لا يوجد في القيادة الأمنية ولا حتى لدى رئيس وزراء الاحتلال رغبة في تحقيق هذا السيناريو، فجيش الاحتلال الإسرائيلي مستنزف من الحرب الأطول في تاريخه، وجيش الاحتياط متضرر ومنهك من كل ناحية ممكنة، ومخزون الذخيرة محدود، والمجتمع الإسرائيلي هو الآخر ليس مبنياً لهذا الحمل، ولا الاقتصاد أيضاً.
أما السيناريو الثاني وهو مواصلة صيغة القتال الحالية، من خلال الاستهداف الجوي لمقاومي حزب الله ومخازن الذخيرة التابعة له، فهو سيناريو ثبت عدم جدواه فبيئة حزب الله خصبة بالقادة ومسيرة الشهادة عنوان له وهي مستمرة بلا توقف، ومخازين السلاح والذخيرة لا تنضب وقوة حزب الله في أفضل مراحلها، وهذا أمر يثير قلق العدو ويحسب له ألف حساب.
السيناريوهان السابقان، سيضعان “إسرائيل” في عنق الزجاجة، والخروج بأرباح صفر، وبالتأكيد ليس من نصر تحققه سوى الخذلان، ومن شأنها أن تجد نفسها متحطمة متكسرة، صحيح أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيخرب مزيداً من القرى التي لم تخرب بعد، ويقتل العشرات أو المئات، لكن الضربة للجبهة الداخلية الإسرائيلية ستكون ملموسة وقاسية، فهي ستمحو المزيد من التفوق العسكري الإسرائيلي الذي طالما تغنى به جيش الاحتلال على مدى عقود.
وحتى سيناريو الحيلة والتضليل وفرق تسد الذي يتقنه الاحتلال لن يجدي نفعاً، ولن يقرب النصر المزعوم الذي يمني النفس فيه الاحتلال ويطلق الحملات التي تطبل وتزمر له، والإعلان عن الهزيمة هو عنوان هذا السيناريو في النهاية، وحزب الله سيواصل الهجوم، لأنه ملتزم تجاه غزة، ووقف الحرب الصهيونية عليها وستزداد هجماته قوة وتأثيراً وعمقاً في جبهة الشمال، وسيعلم الجمهور في كل مكان أن الكيان هزم ولم يحقق اي نصر يزعمه.
ويعترف الكيان الصهيوني بأنه في هذا المجال ليس لامعاً، فوزارة خارجية الاحتلال تقرر دوماً على مدى السنين وجهازها الإعلامي غير معتاد على ذلك في حملات الحرب النفسية، وجيش الاحتلال الإسرائيلي لا يمكنه فعل ذلك، فـ “كل السيناريوهات السابقة سواء الحرب الشاملة أو مواصلة القتال بصيغته الحالية، هو سير على الحافة، فالأول ليس قابلاً للتنفيذ حتى الآن، والثاني لن يحسن وضع الاحتلال في اليوم التالي على الحدود اللبنانية”.. هذا هول لسان حال الكيان وهو أوضح دليل على حالة الهزيمة والتقهقر المتفشية في “إسرائيل”.