“عملية يافا” وحرب المسيرات.. نهاية عصر السماء النظيفة الذي كانت تتغنّى به “إسرائيل”
داما بوست-خاص
شكلت “عملية يافا” صدمة كبيرة لقوات العدو الإسرائيلي الذي سارع إلى المحافل الدولية ليقدم الشكاوي، متجاهلاً عملياته العسكرية العدوانية في عزة، وربما أراد كيان الاحتلال من تقديم شكاويه لمجلس الأمن خلق الذرائع للعدوان على اليمن من قبل الكيان وحلفاء العدو، ولتبريد المزيد من العدوان على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
مؤسسة الحرب “الإسرائيلية” في حالة صدمة بعد الهجوم من اليمن بطائرة مسيّرة على عاصمة الكيان “تل أبيب”، وباعتراف الصهاينة فإن القوات المسلحة اليمنية والمقاومة الإسلامية في العراق تمكنت من ضرب أجزاء من أم الرشراش المحتلة “إيلات”، بما في ذلك قاعدة بحرية باستخدام طائرات بدون طيار.
والأمر المخيف بالنسبة للعدو ليس أن اليمن تمكن من قصف “تل أبيب” بل أن هذه الحادثة صدمت المؤسسة الحربية في الكيان، وهذه العملية وصفها مسؤول كبير في جيش الاحتلال بأنها “7 أكتوبر الدفاع الجوي الإسرائيلي” .
إن نجاح القوات المسلحة اليمنية في إطلاق المسيّرة المتفجّرة إلى وسط “تل أبيب” هو فشل مدوٍ لنظام الدفاع الجوي الصهيوني والذي يمثّل نهاية عصر السماء النظيفة الذي كانت تتغنّى به “إسرائيل” لعدّة سنوات.
“عملية يافا” تتزامن مع إخفاقات يمكن أن تفسّر اختراق الطائرة المسيّرة المجال الجوي الإسرائيلي، من دون أي محاولة مسبقة لاعتراضها، أولها وجود فجوة حرجة في المعلومات الاستخباراتية الملموسة حول مثل هذه الطائرة المسيّرة التي اجتازت مسافة نحو 2000 كيلومتر من دون اكتشافها.
ويبدو أن نظام الدفاع الجوي الصهيوني متخلف عن مواكبة تطورات المقاومات في المنطقة ما يبرز إخفاقه بالتعرف على الهدف وتدميره باستخدام صواريخ دفاعية أو مروحيات أو طائرات، بالإضافة إلى عدم وجود المعلومات الملموسة، فإنّ نظام الدفاع الجوي لسلاح الجو الصهيوني لديه وسائل أخرى كان من المفترض أن تساعده في اكتشاف التهديد الذي يقترب، مثل كشف الأقمار الصناعية والكشف البصري والرادارات، ما يُمثّل إخفاقاً آخر لجيش الاحتلال الصهيوني.
سلاح الجو الصهيوني أيضاً لديه أجهزة بصرية مختلفة، الكثير منها سري، كان من المفترض أن تدعمه في حال لم توفّر أجهزة الكشف الأخرى البيانات لتصنيف الهدف على أنّه معادٍ، لكن كل ذلك لم يحصل وهذا دليل على وهن دفاعات العدو وتطور قدرة القوات المسلحة اليمنية.
مسار رحلة الطائرة المسيّرة من اليمن، وهي رحلة طويلة لعدة ساعات، ضلّلت المنظومات الإسرائيلية، حيث غيّرت الطائرة المسيّرة بشكل متكرر ارتفاعها ومسارها، ووصلت في النهاية إلى “تل أبيب” من البحر نحو هدفها المنشود.
التفوّق الجوي الإسرائيلي لم يعد مطلقاً، إذ لا توجد حماية محكمة لأجواء الكيان، وأيّ شخص يقول خلاف ذلك هو ضال ومضلّل، وهذا ما يعترف به قادة الكيان.
“عملية يافا” خلطت الأوراق من جديد، وبطريقة يمكن أن تشير إلى دخول “إسرائيل” في عصر يكون فيه المستوطنون في كلّ مكان فيها عرضةً لهجوم جوي مفاجئ لا يمكن منعه مسبقاً”.
وسيتعيّن على سلاح الجو الصهيوني أيضاً، عند التحقيق في الفشل الذريع، فحص ما إذا كانت القوات الأميركية المنتشرة في البحر الأحمر والخليج قد حدّدت حركة مشبوهة في المنطقة، وما الذي حدّدته، وما الذي فعلته، وما إذا كانت هناك ثغرات في التنسيق تتطلّب الآن إغلاقها وتوثيقها، وهو فشل آخرى للولايات المتحدة الأمريكية.
ويضاف إلى المسيّرات من اليمن، دخول طائرات مسيّرة أكثر تقدّماً إلى المعركة الشمالية، تعمل بمحركات كهربائية أكثر هدوءاً، لذلك قد يكون اكتشافها المبكر أكثر تعقيداً.
ووفقاً للسيناريوهات المرجعية المعتمدة من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي والمؤسسة الأمنية الصهيونية، فإنّ ضربات الطائرات المسيّرة على “غوش دان” والمنشآت الاستراتيجية الهامة في “إسرائيل”، مثل البنية التحتية للكهرباء، ستصبح جزءاً لا يتجزأ من المعركة في حال دخول المواجهة بين “إسرائيل” وحزب الله إلى مرحلة حرب شاملة، وذلك بالإضافة إلى صليات يومية من آلاف الصواريخ والقذائف الصاروخية الدقيقة ذات القدرات التدميرية الأكثر بكثير.
يأتي ذلك بعد وصول طائرة “يافا” اليمنية إلى “تل أبيب” وانفجارها في مبنى قريب من القنصلية الأميركية في المنطقة، ما جعل تهديد مسيّرات محور المقاومة في أي حرب مقبلة يستحوذ على مزيد من النقاش والتحليل في الإعلام الإسرائيلي والغربي، ولا شك أن “حرب المسيّرات” كشفت ثغرة كبيرة وخطيرة في الدفاعات الجوية الإسرائيلية.