أكدت مجلة “فورين أفيرز” أن النظام الدولي القائم على التوازن التقليدي للقوى قد ينهار، بناء على العديد من المتغيرات والمستجدات على الساحة العسكرية والسياسية والتكنولوجية.
ويعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الاستراتيجيات العسكرية والدبلوماسية، ما يجعله عاملاً حاسماً في تحديد النظام العالمي الجديد، بحسب مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” مقتبساً من كتاب “جينيسيس: الذكاء الاصطناعي، الأمل، والروح الإنسانية”.
وأوضح الكُتاب المؤلفون للكتاب، وهم هنري كيسنجر وإريك شميدت وكريغ موندي، أن الذكاء الاصطناعي يتميز بقدرته على اتخاذ قرارات استراتيجية خالية من الانحياز والخوف، ما يفتح آفاقا جديدة للموضوعية في إدارة الأزمات.
ومع ذلك، يشدد المؤلفون في المقال المقتبس عن كتابهم المشترك، على أن هذه الموضوعية يجب أن تتكامل مع الجانب الإنساني لضمان الاستخدام الأخلاقي والمسؤول للقوة، إذ يمكن أن يكشف الذكاء الاصطناعي عن أفضل وأسوأ ما في الإنسانية، سواء كوسيلة لشن الحروب أو لإنهائها.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي أصبح يفكر قبل أن يجيب!
وأشار المقال إلى أن البشرية سعت تاريخيا لتحقيق توازن يمنع الهيمنة المطلقة لدولة واحدة، معتمدة على قواعد مشتركة تتطور مع الزمن. ولكن في عالم يتطور فيه الذكاء الاصطناعي ليصبح كيانا سياسيا ودبلوماسيا وعسكريا مستقلا، فقد تنهار هذه القواعد، ويحل محلها نظام غير مستقر وفوضوي.
يوضح المؤلفون أن النظام الدولي القائم على التوازن التقليدي للقوى قد ينهار إذا كانت بعض الدول أكثر تقدما في الذكاء الاصطناعي من غيرها. في سيناريو مشابه، قد تجد الدول الأقل تقدما تقنيا نفسها عاجزة عن المنافسة أمام قوى تعتمد على الذكاء الاصطناعي، ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الدولي.
وأضافوا أن الذكاء الاصطناعي قد يغيّر من طبيعة الحرب نفسها، إذ قد تلجأ الآلات إلى اتخاذ قرارات استراتيجية غير مألوفة. على سبيل المثال، يمكن للآلات أن تختار تقسيم الموارد أو الأراضي بناء على حسابات دقيقة، ما قد يمنع الحرب التقليدية لكنه يثير حروبًا من نوع آخر أكثر تعقيدًا، مثل الحروب السيبرانية أو الصراعات غير المباشرة.
يرى المؤلفون أن سباق تطوير الذكاء الاصطناعي بين الدول قد يؤدي إلى حالة من انعدام الثقة والقلق المتبادل بين القوى الكبرى، حيث تسعى كل دولة للحصول على ميزة تقنية قد تكون حاسمة في أي صراع مستقبلي. مثل هذا السباق قد يؤدي إلى تطوير تقنيات يمكنها تخريب جهود الدول المنافسة، كما حدث مع فيروس “ستوكسنت” الذي استهدف برنامج إيران النووي عام 2010.
وقد تكون أولويات الدول التي تمتلك ذكاء اصطناعيا خارقا هي منع الآخرين من تطوير تقنيات مشابهة، ما قد يؤدي إلى استخدام أساليب خفية لتقويض برامج المنافسين أو نشر معلومات مضللة لإضعاف المجتمعات من الداخل.
اقرأ أيضاً: مجلة أميركية: حتى التطور والدعم الأميركي لن يُمكن الكيان من هزيمة محور المقاومة
يشير المقال إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يغير من طبيعة الحروب، حيث تصبح الطائرات المسيرة (الدرونز) أكثر سرعة ومرونة، وتعمل في تشكيلات ضخمة كأنها كائن واحد متكامل. في المقابل، قد تصبح الأسلحة التقليدية غير فعالة في مواجهة أسراب الطائرات المسيّرة، ما يدفع نحو تطوير تقنيات دفاعية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل استخدام أسلحة تعتمد على الفوتونات أو الإلكترونات بدلاً من الذخيرة التقليدية.
أوضح المقال أن الذكاء الاصطناعي قد يعيد صياغة العلاقات الدولية، فمن ناحية، يمكن للدول التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي أن تكتسب هيمنة سياسية وعسكرية، ومن ناحية أخرى، قد تزداد قوة الشركات الكبرى التي تطور هذه التكنولوجيا، لتصبح جهات ذات نفوذ يضاهي أو يتجاوز نفوذ الدول.