الإخوان المسلمون في سوريا يطرحون “وثيقة العيش المشترك”

أعلنت جماعة الإخوان المسلمين في سوريا عن إصدار وثيقة جديدة تحت عنوان “العيش المشترك”، طرحت من خلالها رؤيتها لمستقبل الدولة السورية بعد المرحلة الانتقالية، مؤكدة دعمها لإقامة دولة ديمقراطية تقوم على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة.

واستهلّت الجماعة وثيقتها بإشارات دينية من القرآن الكريم تؤكد الأسس الشرعية للعيش المشترك واحترام الآخر، والدعوة إلى إقامة العدالة مع الجميع “حتى مع العدو المحارب”، والتعاون لتحقيق المصالح المشتركة، معتبرة أن التنوع الديني والثقافي في سوريا يجب أن يكون أساسًا للتعارف وبناء الشراكة لا مدخلًا للصراع والانقسام.

دور الدولة في ترسيخ العيش المشترك

تحدّد الوثيقة أربعة محاور رئيسية لدور الدولة في ترسيخ مفهوم العيش المشترك، أبرزها تأمين الإطار القانوني لحماية الحقوق والحريات لجميع المكونات السورية، وتوفير الأمن وضبط التجاوزات التي تمس القيم الإنسانية.
كما دعت إلى إطلاق مبادرات رسمية لتعزيز السلم الأهلي والحوار الوطني، وبناء شراكات بين مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني لتعزيز التنوع الثقافي، إلى جانب مراجعة المناهج التعليمية بما يرسّخ القيم المشتركة ويعزز الوعي الوطني.

المجتمع المدني ودوره في بناء الهوية المشتركة

وشددت الوثيقة على الدور المحوري لمنظمات المجتمع المدني في “بناء الهوية السورية الجامعة”، من خلال إطلاق مبادرات للحوار الوطني وتوعية الأسر بغرس قيم التعايش في الأجيال الجديدة، ومواجهة الخطابات التي تولّد العداء والانقسام.
كما دعت إلى مشاريع إعلامية وثقافية وفنية تخدم ثقافة الحوار، وتشجع على بناء الثقة والحد من العزلة والانغلاق الاجتماعي، وترسيخ القيم الأخلاقية الإيجابية في المجتمع.

معايير العيش المشترك.. دولة ديمقراطية ومواطنة متساوية

وضعت الجماعة مجموعة من “المعايير الداعمة للعيش المشترك” اعتبرتها بمثابة أسس دستورية لسوريا الجديدة، جاء في مقدمتها التأكيد على أن الدولة السورية يجب أن تكون ديمقراطية قائمة على التعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وأن تقوم على مبدأ المواطنة وسيادة القانون وفصل السلطات.
كما نصّت الوثيقة على إلغاء المحاكم الاستثنائية، وتجريم خطاب الكراهية والتحريض على العنف، وضمان حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية، إضافة إلى تمكين جميع السوريين من المشاركة السياسية على أساس الكفاءة، في إطار انتخابات حرة ونزيهة.

وأكدت الوثيقة أن الدستور المقبل يجب أن يكفل الحريات العامة والفردية، وحق تشكيل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وأن يضمن تحقيق تنمية عادلة ومتوازنة بين مختلف المناطق السورية.

جيش وطني وسلاح بيد الدولة

وفي ما يتعلق بالمؤسسة العسكرية، شددت الجماعة على أن مهمة “الجيش الوطني” يجب أن تقتصر على الدفاع عن حدود البلاد المعترف بها دوليًا، وأن يُمنع أفراده من التدخل في العمل السياسي، مع خضوعه للرقابة البرلمانية والمساءلة القضائية. كما أكدت على ضرورة حصر السلاح بيد الدولة وتنظيم حيازة السلاح الفردي وفق القانون.

المرأة والشباب.. شراكة في البناء

تضمنت الوثيقة تأكيدًا على “التمكين المشروع للمرأة” ورفض تهميش دورها، ودعت إلى النهوض بدور الشباب في الحياة العامة، إلى جانب التأكيد على مبدأ الأخوة الإنسانية والمساواة بين جميع السوريين في الحقوق والواجبات.

مبادئ قريبة من الدستور

واختتمت الجماعة وثيقتها بالتأكيد على مبدأ المسؤولية الفردية أمام القانون، وعدم تحميل أي شخص جريرة غيره، واعتبار المجتمع السوري شريكًا في مواجهة الظلم والعدوان، في ظل دولة تكفل رفع الظلم عن جميع مواطنيها.
كما طالبت بأن يكون للشعب السوري الدور الأساسي في تقرير القضايا المصيرية المتعلقة بمستقبل البلاد، ومكافحة أي قوى خارجة عن سلطة الدولة، وضمان عصمة دماء وأموال السوريين وحرية تنقلهم داخل أراضي الدولة.

بين العودة والغياب

ورغم إعلان الجماعة دعمها للسلطة السورية الجديدة بعد سقوط نظام “بشار الأسد” في كانون الأول الماضي، وتأكيدها أنها تتخذ موقف “الناصح والداعم”، إلا أنها لم تعد رسميًا إلى دمشق عبر مكاتب أو نشاطات علنية، وهو ما يبقي موقف الحكومة الحالية من “الإخوان المسلمين” غامضًا حتى اللحظة، رغم التحولات السياسية التي تشهدها البلاد.

اقرأ أيضاً:الإخوان المسلمون في سوريا يصدرون بياناً شاملاً: رؤية للمرحلة الجديدة بعد التحرير

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.