داما بوست _ كاترين الطاس | يُعتبر العقل المدبر ومهندس عملية “طوفان الأقصى” التي انطلقت شرارتها 7 أكتوبر 2023، وكبدت “إسرائيل” خسائر بشرية وعسكرية ضخمة وهزت صورة أجهزتها الاستخباراتية والأمنية أمام العالم وفضحت مقولة “الجيش الذي لا يقهر”..
وبعد سنواتٍ طويلة من الكفاح المُشرّف، أعلنت حركة حماس استشهاد قائدها “يحيى السنوار” الذي تم انتخابه لرئاسة المكتب السياسي للحركة خلفاً للشهيد إسماعيل هنية الذي اغتيل في العاصمة الإيرانية طهران.
فاز السنوار بالشهادة وهو مرتدياً لباسه العسكري ومشتبكاً مع قوات الاحتلال في خطوط المواجهة الأولى بحي تل السلطان في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة.. ولكن، بعد أن استشهد قاهر “إسرائيل”.. كيف سيؤثر استشهاده على مسار الحرب في غزة؟
الكاتب والباحث السياسي “مهند الحاج علي” أكد في حديث خاص لـ “داما بوست” بأن أسلوب استهداف القادة هو أسلوب معمول به لدى الكيان الصهيوني لتحقيق عدة أهداف، ولأنه يملك الأدوات الكافية لتحقيق هذه الاستهدافات.
ما الهدف من استهداف قادة المقاومة؟
قال الباحث: “هدف الكيان الإسرائيلي تحطيم الروح النفسية والمعنوية للمقاومين ولجمهور المقاومة من خلفهم، واستعادة منظومة الردع التي انهارت منذ يوم 7 أكتوبر حتى الآن،” مردفاً: “كما يريد رفع معنويات المستوطنين المنهارة والتي تقول الاحصائيات إن أكثر من 25% منهم قد خرج إلى غير عودة بسبب غياب عوامل الأمان وغياب فكرة (إسرائيل الآمنة) وبالتالي تلاشي فكرة (أرض الميعاد).”
وتابع: “كما أنه يبحث عن صورة نصر بعد فشله البري في غزة وجنوب لبنان ولأن استهداف القادة أمر سهل بالنسبة له كونه يملك أحدث الوسائل التكنولوجية في العالم التي تمكنه من تتبعهم، بالإضافة إلى أن قادة المقاومة موجودين على الجبهات وفي الأماكن العامة بين الناس (بين جمهورهم) لأنهم أبناء هذا المجتمع، وليسوا في غرف محصنة أو أماكن منيعة.”
وأشار الباحث إلى أن غاية العدو الأخيرة هي ضرب البنية التنظيمية لهذه المقاومات من خلال استهداف قادتها، وهذا يعود لفهمه الخاطئ عنها، أو أنه لا يريد أن يتقبل فكرة أن الشعب بأكمله يقاومه، وبالتالي قادر على إنتاج قادة جدد وباستمرار، والتاريخ مليء بهذه التجارب، فمع استشهاد أي قائد يظهر قائد آخر ليتابع المسيرة.
بطلاً حتى الرمق الأخير
وأكمل: “طريقة استشهاد يحيى السنوار تكاد تكون مدرسة بحد ذاتها، فتفيد المعلومات بأنه وأثناء تجوله بين نقاط المقاومين على خط المواجهة مع العدو، لم يكن معه سوى مرافقين، قد اعترضتهم دورية إسرائيلية دون أن تعلم بأن العناصر الثلاث التي تشتبك معهم أحدهم هو قائد المقاومة، واستمر القتال نحو ساعة وسقط الكثير من الجنود بين قتلى وجرحى، ليقوموا على الفور باستدعاء دبابة قامت بقصف البناء، فاستشهد المرافقين وأصيب السنوار إصابات بليغة في يده اليمنى وشظايا متعددة بالجسد، بعدها جلس السنوار على الأريكة مُلثَّماً يغطي وجهه الوشاح الفلسطيني المعروف الذي لطالما دافع عنه كجزء من الثقافة الفلسطينية، ليرسلوا بعدها مجموعة من الكوماندوز لاقتحام المكان، ولكنه وبيده اليسرى رمى عليهم القنابل اليدوية فمنعهم من الصعود للطابق الذي هو فيه، بعدها أدخلوا مسيرة وهنا الجراح بدأت تنزف بشدة ومن شدة النزيف لم يعد جسده قادراً على حمل البندقية مرة أخرى، فأمسك بعصى كانت بقربه واستجمع كل قوته ليستهدف المسيرة مرة أخيرة، بعدها تقدمت الدبابة وأطلقت قذيفة ليرتقي من خلالها قائد المقاومة شهيداً.”
وأكد الباحث أن السنوار يُعبر في الثواني الأخيرة من حياته عن إرادة الشعب الفلسطيني الصلبة الراغبة في التحرر مهما بلغ جبروت العدو وقوته وقوة أسلحته (سنقاتل بالعصا إن اقتضى الأمر).
دماء السنوار ستكون نبراس للمقاومة
واعتبر الباحث أن استشهاد السنوار بهذه الطريقة مقاتلاً مقاوماً حتى الثواني الأخيرة لن يكون إلا دافعاً للأجيال القادمة من الشعب الفلسطيني بأن ينتج قادة أبطال، وقذيفة الدبابة التي أدت إلى استشهاد السنوار لم تقتله، إنما حولته إلى رمز لا يمكن نسيانه أبداً، وستتحول دمائه إلى نبراس يهتدي به كل المقاومين من بعده.
وختم حديثه بالقول: “سنشهد تصعيداً أكبر في العمليات الفدائية، وستستمر دماؤه حتى تصل إلى سور المسجد الأقصى محررة.”
اقرأ أيضاً: مقاوماً حتى الرمق الأخير.. من هو يحيى السنوار؟